أطياف
عابد فهد والمثليين: تصريحات تعيد إنتاج الصور النمطية رغم النوايا الحسنة

عابد فهد والمثليين: تصريحات تعيد إنتاج الصور النمطية رغم النوايا الحسنة

في مقابلة صحفية أُجريت مؤخرًا، أدلى الممثل السوري البارز عابد فهد بتصريحات أثارت جدلاً واسعًا حول تمثيل المثليين في الدراما العربية، وذلك عندما صرّح قائلًا: “لا أستطيع تأدية دور شخص مثلي مع أنه أمر مغرٍ، لكن كمبدأ عام لست ضد المثلية، فهي ليست مرضًا، وإنما حالة طبيعية، أحترم المثليين، لكن ملامحي لا تناسب الدور”.

ورغم أن التصريح يبدو في ظاهره داعمًا لحقوق المثليين، إلا أن ما حمله بين السطور أثار تساؤلات حول الصور النمطية التي يرسّخها بعض الفنانين في الوعي الجمعي، حتى في سياق خطاب يبدو متفهمًا.


ماذا تعني عبارة “ملامحي لا تناسب الدور”؟

عند تحليل هذه العبارة، يتّضح أن عابد فهد يفترض وجود نمط جسدي أو شكلي محدد للشخص المثلي، وهي فكرة مغلوطة وسطحية، تُكرّس التنميط السائد في المجتمعات العربية حول المثليين، باعتبارهم “ذوي ملامح ناعمة” أو تصرّفات أنثوية بالضرورة.

هذه النظرة النمطية لا تعكس الواقع المتنوع للمثليين الذين يأتون من مختلف الخلفيات والصفات الجسدية والشخصية. فالميول الجنسية ليست مرتبطة بملامح الوجه أو نبرة الصوت أو طريقة الحركة، وإنما هي جانب داخلي من الهوية لا يمكن اختزاله في قالب واحد.


التمثيل الكويري في الدراما العربية: أزمة تكرار الصورة النمطية

في العقود الماضية، تم تصوير الشخصيات المثلية في الدراما العربية بشكل ساخر أو كاريكاتيري، وغالبًا ما أُسندت أدوارهم إلى شخصيات ثانوية، تُستخدم كمادة للضحك أو العار.

هذا التناول السطحي يُقصي التنوع الحقيقي في المجتمع الكويري ويمنع تقديم شخصيات عميقة وواقعية يمكن أن تشكّل جسرًا للتفاهم بين الجمهور والمجتمع الكويري.


هل التصريحات المحايدة كافية؟

على الرغم من تأكيد فهد أنه “ليس ضد المثلية”، إلا أن حياده لا يبرّئ الخطاب من مسؤولية تكريس الوصم. فالفنانون، لا سيما من يتمتعون بمكانة كبيرة مثل فهد، تقع على عاتقهم مسؤولية كسر الصور النمطية بدلًا من إعادة إنتاجها بطريقة غير مباشرة.

إن تمثيل شخصيات كويرية بواقعية وكرامة لا يتطلب تغيير ملامح الوجه، بل يتطلب فهمًا عميقًا للهوية والواقع الذي يعيشه هؤلاء الأشخاص، وهو ما يُعد تحديًا فنيًا يستحق الخوض فيه، وليس اعتذاره.


الفن بين الحذر والشجاعة

تصريحات عابد فهد تُظهر التناقض الذي يعاني منه كثير من الفنانين العرب: الرغبة في مواكبة العالم والانفتاح على قضايا جديدة، مقابل الخوف من كسر التابوهات المجتمعية.

لكن يبقى السؤال: هل من مسؤولية الفنان أن يعكس الصورة النمطية، أم أن يتحدّاها؟ الإجابة تكمن في وعي الفنان بدوره في صناعة ثقافة أكثر شمولًا وتنوعًا.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.