حتى أواخر الثمانينيات، كانت «هيئة مدوّنة القصص المصوّرة» تمنع صراحةً تصوير المثلية في الكوميكس؛ لذا عاش أبطال مجتمع الميم طويلًا بين السطور والتلميحات. ابتداءً من 1989 بدأت القيود تتراخى، فظهر إكستراينو كأول بطل مثلي مُعلَن لدى DC، وانتقلت الحكايات من الهامش إلى المتن: قصص عن الوصم، والخسارة، والبحث عن بيتٍ آمن.
ومع التسعينيات وبداية الألفية، دخل كتّاب وفنّانون من مجتمع الميم غرف الكتابة، فتقدّم السرد خطوةً أكبر مع شخصيات مثل رينيه مونتويا وثنائي ميدنايتر وأبولو، ثم انطلقت باتوومن/كيت كين (2006) كأيقونة علنية.
مع تغيّر الذائقة في القرن الحادي والعشرين، خرج مزيد من الأبطال إلى النور: شخصيات بايسكشوال (مثل كات ومان، ووندر وومان، وتيم دريك، وجون كِنت)، وأخرى ترانس ولا ثنائي الجندر (مثل داني ذا ستريت وديزاير).
منذ 2021، رسّخت DC هذا التحوّل بإطلاق مختارات DC Pride السنوية للاحتفاء بالشخصيات والمبدعين من مجتمع الميم. وعلى الشاشة، من عالم Arrowverse إلى مسلسلات المنصّات، صار التمثيل جزءًا من قلب الدراما لا «فتاتًا» تجميليًا.
بالنسبة للقرّاء والمشاهدين الناطقين بالعربية، لا يمثّل هذا المسار مجرّد تطوّرٍ فني؛ إنه انتقالٌ من الإقصاء إلى الاعتراف. إن رؤية بطلات وأبطال ينعمون بالحبّ والرفقة والقيادة داخل عوالم الأبطال الخارقين تمنح لغةً للمشاعر، وتخفّف العزلة، وتفتح نافذةً لاحتمالاتٍ أكثر عدلًا وشمولًا.
ملاحظة تحريريّة: هذا المقال يستعرض 26 شخصية من شخصيات مجتمع الميم في مسلسلات DC، لكنه لا يغطي القائمة الكاملة. فداخل Arrowverse وحده رصدنا 66 شخصية إضافية من مجتمع الميم، إلى جانب عشرات الأسماء في عناوين DC التلفزيونية والأنيميشن خارج Arrowverse.
«آروفرس» (Arrowverse): رائداتٌ وعلاقاتٌ كويرية في مركز السرد
سارة لانس/الكناري الأبيض (Sara Lance / White Canary) — كايتي لوتز (Caity Lotz)
قائدة «الأساطير» وصاحبة أحد أكثر الأقواس ثباتًا في التلفزيون الخارق. تُقدَّم كسيدة بايسكشوال، تجمعها علاقة عاطفية طويلة مع آفا شارب وتنتهي بزواجٍ متكافئ يضع قصة حب امرأتين في مركز الحدث، لا في الهامش. هذا الحضور الطبيعي يبدّد «أثر الضيف» ويؤكد أن البطولة الكويرية قابلة للاستمرار.

آفا شارب (Ava Sharpe) — جِس مكالان (Jes Macallan)
مديرة «الـ Time Bureau» وشريكة سارة. العلاقة بينهما قدّمت نموذجًا واضحًا لشراكة عمل/حياة متوازنة بين امرأتين قويتين، مع سرد ينزع الدراما المبالغ فيها عن الكويرية ويضعها ضمن يوميات البطولة.

جون قسطنطين (John Constantine) — مات رايان (Matt Ryan)
المحقّق الغامض يظهر بميول جنسية مزدوجة (بايسكشوال) صريحة في السرد الحديث، ما يُسقط صورة «الذكر الخارق المعياري» لصالح بطلٍ يحمل جوانب أخلاقية معقدة وهوية جنسية متنوعة. وجوده مع «الأساطير» ثبّت سابقة لبطولة رجل بايسكشوال بصراحة ودون تلميح.

نيسا الغول (Nyssa al Ghul) — كاترينا لو (Katrina Law)
مقاتلة قاتلة، وعلاقتها بسارة في Arrow مهّدت مبكرًا لربط قصص الجاسوسية/الانتقام بقصص حب سامية بين امرأتين. التأطير لم يكن «صناعة ضجيج» بل جزءًا أساسيًا من مسار الشخصيتين.

«ذا فلاش» (The Flash): شرطةٌ وحلفاءٌ متمرّدون مثليون في قلب «سنترال سيتي»
ديفيد سنغ (David Singh) — باتريك سبونغي (Patrick Sabongui)
قائد مختبرات الشرطة ورجلٌ مثلي متزوج. حضوره «العادي»—قائد، محترف، وزوج—يكسر قوالب «الدراما الكويرية» ويُطبّع حضور رجلٍ مثلي في موقع سلطة دون مبالغة أو ترسيخ صورة نمطية.

هارتلي راثاواي/بايبرا (Hartley Rathaway / Pied Piper) — آندي مينتوس (Andy Mientus)
عبقري صوتيات متمرّد وقصته الحديثة أصلحت عثرات قديمة وقدّمت شريكًا (رودريك) واحترامًا لتاريخه الكويري في المانغا الأصليّة. النتيجة: بطلٌ حَليف يُثبت أن «العودة» يمكن أن تكون أكثر شجاعة من البداية.

ليونارد سنارت/كابتن كولد (Leonard Snart / Captain Cold) & ليو سنارت/سيتزن كولد (Leo Snart / Citizen Cold) — وينتورث ميلر (Wentworth Miller)
نسخة «إيرث-1» (ليونارد) مجرم نبيل يتطوّر أخلاقيًا، بينما نسخة «إيرث-X» (ليو) بطلٌ مثلي صريح ورفيق «الراي». وجود وينتورث ميلر—ممثلٌ مثلي علنًا—على طرفَي المعادلة منح القصتين صدقية وتنوّعًا: من «الشرير الساحر» إلى «المنقذ» الذي لا يخفي ميوله.

راي تيريل/الراي (Ray Terrill / The Ray) — راسل توفي (Russell Tovey)
السياق: كروس أوفر «Crisis on Earth-X» ضمن عالم Arrowverse (ظهور حيّ في The Flash ومسلسلات CW الأخرى).
الهوية: بطل خارق مثلي يجسّده ممثل مثلي علنًا (راسل توفي).
القدرات: التحكّم بالضوء وتحويله إلى طاقة ودروع/هالة واقية—توظَّف لخدمة السرد لا كزينة مؤثرات.
القصة والأثر: يُقدَّم الراي شريكًا عاطفيًا لـ ليو سنارت/سيتزن كولد (Leo Snart / Citizen Cold)، وتُعامَل علاقتهما كرومانسية بطولية طبيعية بين رجلين خارقين.

تبادل الراي وسيتزن كولد قبلة في The Flash أشعلت النقاش والاحتفاء على وسائل التواصل الاجتماعي، بوصفها تمثيلًا نادرًا وواضحًا لعلاقة بين بطلين خارقين مثليين في عالم DC. هذا الظهور وسّع حضور مجتمع الميم في النسخة الحيّة وأكّد أن البطولة لا تتعارض مع الهوية.

«سوبرغيرل» (Supergirl): عائلةُ بطلاتٍ وهويةٌ علنية بلا تردّد
أليكس دانفرز (Alex Danvers) — شيلر لي (Chyler Leigh)
رحلة اكتشاف الذات في الموسم الثاني أصبحت درسًا تلفزيونيًا في الإعلان الآمن والهادئ عن الهوية الجنسية المثلية، من علاقة «سانفرز» إلى زواجٍ مدني من كيلي أولسن في الحلقة الختامية في مَشهدٌ احتفالي جعل «الفرح الكويري/زواج المثليات» خاتمةً رسمية للمسلسل الجماهيري.

كيلي أولسن (Kelly Olsen) — آزي تسفاي (Azie Tesfai)
شريكة أليكس وزوجتها، مطوِّرة دروع وعميلة اجتماعية. قصتهما تربط «العدالة الاجتماعية» بالبطولة اليومية: أمومة، عمل، ودعم نفسي. ردود الفعل الجماهيرية رسّخت الرسالة: الحب الكويري ليس «حبكة»، بل حياة.

نيا نال/دريمر (Nia Nal / Dreamer) — نيكول مينِز (Nicole Maines)
أول بطلة ترانس في أعمال السوبرهيرو التلفزيوينة الحية. انتقالها من الشاشة إلى القصص المصوّرة ككاتبةٍ لشخصيتها جعل من «دريمر» حالةً نادرة: بطلة ترانس تكتبها امرأة ترانس، في استمرارية تُراكم أثرًا وتمثيلًا.

«باتوومن» (Batwoman): من كيت كين إلى رايان وايلدر… مدينة بأقنعة نسوية مثلية
باتوومن/كيت كين (Batwoman/Kate Kane) — روبي روز (Ruby Rose)
أول بطلة خارقة مثلية تتصدّر مسلسل نسخة حية من أعمال السوبرهيرو على شبكة كبرى. حضورها شكّل نقطة تحوّل في الأعمال التلفزيونية السائدة، ورسالة واضحة مفادها أنّ القصص البطولية يمكن أن تقودها امرأة مثلية من دون تلطيف أو تهميش.

باتوومن/رايان وايلدر (Batwoman/Ryan Wilder) — جافيسيا ليسلي (Javicia Leslie)
أول «باتوومن» سمراء ومثلية على الشاشة. قدّمت قراءة جديدة للقناع عبر حسّ عدالة مجتمعية وخلفية طبقية مختلفة، فيما تعمّق علاقتها بـ صوفي مور (Sophie Moore) تمثيلَ النساء السود من مجتمع الميم في أدوار قيادية بطولية.

صوفي مور (Sophie Moore) — ميغان تاندي (Meagan Tandy)
ضابطة أمن وامرأة مثلية تتبدّل علاقتها بالمدينة وبالذات بين مراحل ارتباطها بكيت ثم رايان. خطّها العاطفي والمهني يضيء ضغوط المؤسسة وصراعات الهوية من منظور امرأة سمراء في مركز القرار.

رينيه مونتويا (Renee Montoya) — فيكتوريا كارتاخينا (Victoria Cartagena)
شرطية مثلية تنتقل بين «غوثام» (Gotham) و«باتوومن» (Batwoman). تقدّم حضورًا ناضجًا لامرأة كويرية داخل جهاز أمني، وتكشف تناقضات السلطة والعدالة من موقعٍ ميدانيّ لا من الهامش.

«بلاك لايتننغ» (Black Lightning): تقاطُع السياسة والهوية
أنيسا بيرس/ثاندر (Anissa Pierce / Thunder) — نافيسا ويليامز (Nafessa Williams)
بطلة سمراء مثلية تربط سردها بين نضال مدني وتمكينٍ جسدي وعاطفي. تتحوّل علاقتها بـ غريس تشوي (Grace Choi) من التعارف إلى الزواج، مقدّمةً إحدى أوضح صور الزواج بين امرأتين في عالم Arrowverse وتمثيلًا تقاطعيًا صلبًا.

غريس تشوي (Grace Choi) — شانتال ثوي (Chantal Thuy)
امرأة آسيوية بايسكشوال ذات قدرات خارقة. حضورها يكسر نمطية «الضيف الآسيوي»، ويقدّم ثنائيًا متنوّع الخلفيات يُطَبِّع العلاقات العابرة للأعراق ضمن سياق بطولي إنساني.

«تايتنز» (Titans): جيلٌ جديد ورومانسية صريحة
تيم دريك/روبن (Tim Drake/Robin) — جاي ليكورغو (Jay Lycurgo)
يُقدَّم على الشاشة كبايسكشوال استنادًا إلى تطوّر الشخصية في القصص المصوّرة. تتطوّر علاقته بـ برنارد فيتزمارتن (Bernard Fitzmartin) إلى قصة حبّ واضحة، ما يرسّخ انتقال الهوية من الورق إلى التلفزيون كما هي.

برنارد فيتزمارتن (Bernard Fitzmartin) — جيمس سكالي (James Scully)
عالِم في «ستار لابز» (S.T.A.R. Labs) وشريك داعم لتيم. وجوده يحرّر «روبن الأذكى» من عبء السرّية ويمنح الرومانسية بين الرجال مساحةً محورية داخل مسلسل قتالي قاتم.

«دوم باترول» (Doom Patrol): التصالح مع الذات… والروح التي تكره هويتها المثلية
لاري تراينور/نيغاتيف مان (Larry Trainor/Negative Man) — مات بومر (Matt Bomer) & ماثيو زوك (Matthew Zuk)
رجلٌ مثلي عاش في خمسينيات القرن الماضي وهو يخفي هويته، ثم يبدأ عبر مواسم المسلسل رحلة صادقة للتصالح مع الذات. يوضح العمل ببساطة كيف يترك الخوف من الذات وكراهيتها أثرًا مؤلمًا على الصحة النفسية والعلاقات، وكيف تصبح الشجاعة خطوةً نحو الاعتراف والدعم. بهذا المسار يقدّم المسلسل واحدًا من أنضج نماذج تمثيل المثليين في دراما الأبطال الخارقين.

داني ذا ستريت (Danny the Street)
«كيان» حيّ لا ثنائي الجندر، يُجسّد شارعًا يحتضن المختلفين ويمنحهم ملجأً آمنًا. صورةٌ شاعرية لفكرة «المساحة الكويرية» كبيتٍ مفتوح لكلّ من لفظتهم المدن.

«غوثام» (Gotham): حين يحبّ البطريقُ اللغز
أوزوالد كوبلبوت/البطريق (Oswald Cobblepot/Penguin) — روبن لورد تايلور (Robin Lord Taylor)
يعترف بحبّه لـ إدوارد نيغما (Edward Nygma) على الشاشة، فتتّسع شخصية «الشرير» لتشمل مشاعر رومانسية مثلية لا تُختزل في «انحراف»، بل تُظهِر تعقيد الدوافع الإنسانية داخل مدينة فاسدة.

«هارلي كوين» (Harley Quinn): الحبّ كفوضى جميلة
هارلي كوين (Harley Quinn) — كالي كوكو (Kaley Cuoco)

بويزن آيفي (Poison Ivy) — ليك بيل (Lake Bell
العلاقة بين هارلي وآيفي باتت «كانون» في الأنيميشن والكوميكس. تقدّم السلسلة ثنائيًا نسويًا مُحبًّا وفوضويًا يكسر التشييء، ويضع العاطفة والرغبة في صدارة الكوميديا السوداء بلا تنازلات.
«صانع السلام» (Peacemaker): بطلٌ بايسكشوال يزعزع الذكورة السامة
يُقدِّم المسلسل كريستوفر سميث كبطل بايسكشوال منذ البداية: يلمّح إلى علاقات سابقة مع رجال، نرى مشهدًا ثلاثيًّا مع فيجيلانتي وامرأة، وتسبق ذلك تلميحات في الفيلم. يتصاعد الصدام حين يستغلّ والده أوغي سميث/التنين الأبيض هذا الجانب لإذلاله قبل المواجهة بينهما. تثبيت هذه الهوية جاء باقتراح من جون سينا وتبنّاه جيمس غن، في خطوة تفكك صورة “الرجولة الفولاذية” وتربط العنف الذكوري بجروح الطفولة والعار.
ورغم جرأته، تُؤخذ على العمل أحيانًا معالجة سطحية لميول كريس عبر نكات وإيحاءات، مقابل عمقٍ أوضح في علاقة ليوتا أديبايو بزوجتها. مع ذلك، يظل «صانع السلام» يشتغل على تفكيك الذكورية السامة، ويحوّل الاستعراض الافتتاحي وموسيقى الهيفي ميتال إلى أدوات لمقاومة الخجل والتذكير بأن الهوية لا تُختزل في قالب واحد.

«مقاتلو الحرية: الراي» (Freedom Fighters: The Ray): بطلٌ مثلي يقود أول عمل أنيميشن من DC
راي تيريل/الراي (Ray Terrill / The Ray) — صوت: راسل توفي (Russell Tovey)
السياق: مسلسل أنيميشن مستقل على CW Seed بعنوان Freedom Fighters: The Ray.
الهوية: بطل مثلي يقود فريق «مقاتلو الحريّة» في مواجهة فاشية Earth-X.
القصة والأثر: يركّز العمل على تصالح الراي مع قوّته وهويته معًا، ما يجعله أول عنوان أنيميشن من DC يقوده بطل من مجتمع الميم بصورة صريحة وإيجابية، وممهّدًا لظهوره الحيّ في الكروس أوفر.
القدرات: المنظومة نفسها (طيران، دروع ضوئية، قذائف طاقة) مع إبراز بصري لرحلته الداخلية ومسؤوليته البطولية.

من «الممنوع ذكرُه» إلى بطولات الصفّ الأوّل، قطعت DC مسافةً طويلة في تمثيل مجتمع الميم. الجوائز، والمختارات السنوية، وتنوّع أصوات الكتّاب والممثلين—كلّها تؤكّد أن التعدد ليس استثناءً بل قاعدةٌ جديدة.
ومع ذلك، يبقى الطريق مفتوحًا: نحتاج مساحات أعمق لشخصيات ترانس ولا ثنائي الجندر، وقصصًا تمنح العلاقات الكويرية قوسًا عاطفيًا كاملاً بعيدًا عن التلميح العابر أو النكتة السهلة.
بالنسبة للجمهور الناطق بالعربية، تُوفّر هذه الأعمال مرآةً ونافذةً معًا: مرآةً نرى فيها أنفسنا بكرامة، ونافذةً نتخيّل من خلالها مستقبلًا أكثر إنصافًا.
إرث اليوم واضح—أبطالٌ يحرسون المدن ويحرسون حقّ الناس في أن يكونوا أنفسهم—والأمل غدًا أن يصبح هذا الحضور طبيعيًا ومستدامًا: قصصٌ يقودها أبطال من مجتمع الميم بلا خجل أو أسف تجاه النفس، وبكثيرٍ من المتعة والصدق.