بعد تفشي فيروس كورونا بداية عام 2020، وفرض إجراءات للحد من انتشار الفيروس من خلال حظر التجول والسفر وفرض الحجر المنزلي، ارتفعت حوادث العنف التي استهدفت أفراد مجتمع المثليين في المغرب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ترجمت على أرض الواقع لاحقًا.
حيث قامت ص.ط، وهي امرأة مغربية عابرة جنسيًا (ترانس) تبلغ من العمر 38 عامًا تقيم في تركيا، بإطلاق دعوة في شهر أبريل من عام 2020 إلى متابعيها عبر انستجرام، والبالغ عددهم أكثر من نصف مليون متابع، طالبتهم فيها بتحميل واستخدام تطبيقات المواعدة المخصصة للمثليين، للتعرف على أفراد مجتمع المثليين في المغرب وكشف هويتهم من خلال بث مباشر.
كما هاجمت المنظمات المدافعة عن حقوق مجتمع المثليين في المغرب، واعتبرتهم يساهمون في «انتشار الشذوذ». تفاعل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع دعوتها بشكل واسع وقاموا بالإفصاح عن هويات العشرات من أفراد مجتمع المثليين والتشهير بهم.
تسببت حملة التشهير في طرد العديد من وظائفهم ومن منازلهم، كما تعرضوا للابتزاز، وانتحر أحد الضحايا وكان يبلغ من العمر 22 عامًا ويقيم في العاصمة المغربية الرباط، حسبما جاء في تقرير لمنظمة نسويات حول وضع مجتمع المثليين في المغرب في عام 2020.
كما استهدفت ص.ط فنان مغربي شاب بشكل خاص، وادعت أنه مثلي جنسيًا، وهاجمت مواقفه الرافضة للحملة التي تقودها، ودعت متابعيها بملاحقته، ليتعرض بعدها للتهديدات والتشهير بشكل مباشر.
ليقرر بعدها تقديم شكوى ضد ص.ط ومدير صفحة الفيسبوك التي استهدفته في مركز الشرطة المحلي في سيدي قاسم، وهي مدينة صغيرة في المغرب.
ليتم استقباله بنظرات وتعليقات معادية حول مظهره الخارجي، ورفض تسجيل شكواه، وعندما أصر على رجال الشرطة التقدم بشكواه، ادعى رجال الشرطة أن تصريح الخروج الخاص به في ظل الحظر، لم يتم تعبئته بشكل مناسب وتم اعتقاله، واحتجازه لمدة يومين، وفي شهر أكتوبر من عام 2020، ادانته محكمة سيدي قاسم بتهمتي «عدم احترام رجل شرطة أثناء أداء واجبه» و«انتهاك حالة الطوارئ الصحية»، وحكم عليه بالسجن أربعة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 1000 درهم.
وفي شهر مايو من نفس العام، تقدم آدم محمد، وهو مواطن مغربي مثلي جنسيًا، بشكوى قانونية تفيد بتعرضه لاعتداء جنسي من صحفي وناشط حقوقي مغربي شهير يدعى س.ر، وواجه آدم بعدها حملة إعلامية عنيفة تستهدفه، شاركت صورهم وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تمت مشاركة اسمه القانوني كاملاً وعنوان منزله وصوره بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وشارك في الهجوم ضد آدم نشطاء حقوقيون داعمين للصحفي المتهم، حيث تضمنت الحملة تهديدات وتعليقات معادية وكراهية، مما ساهم في تعريض أمانهم الشخصي للخطر، وأضر بصحتهم النفسية.
كما سلط التقرير الضوء على جهود منظمات مجتمع المثليين ومجتمعات الميم في مواجهة عواقب تفشي فيروس كورونا على أفراد مجتمع المثليين ومجتمعات الميم، وكذلك الاستجابة للأضرار التي سببتها حملة التشهير التي قادتها ص.ط، حيث استجاب انستجرام لمنشادات المنظمات وأغلق حساب ص.ط.
كما أوقفت بعض تطبيقات ومواقع المواعدة الخاصة بمجتمع المثليين إنشاء حسابات جديدة في المغرب للحد من حملة التشهير، حيث لاحظوا ارتفاع نسبة إنشاء الحسابات الجديدة داخل المغرب.
كما أطلقت عدة منظمات حملات إلكترونية للتوعية بشأن قضايا مجتمع المثليين ضد انتشار خطابات الكراهية والصور النمطية والمعلومات المغلوطة.
وتجرم المادة 489 من قانون العقوبات المغربي، والتي تعود إلى الحقبة الاستعمارية، العلاقات الجنسية المثلية الرضائية بين البالغين.
تعمل منظمات مجتمع الميم ومنظمات المجتمع المدني الحليفة في المغرب على حشد التأييد من أجل إلغاء المادة 489 وجميع المواد القانونية المجرمة للممارسات التي تندرج تحت الحريات الفردية.