تفاجئ المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في مصر بتغير أحد الأدوية (جزء من نوعين أدوية) التي استمروا عليها لسنوات في يونيو 2023 عند تسلم الجرعة الشهرية. حيث صُرف الدواء الجديد بديلاً عن تيفيكاي، الاسم الترويجي الخاص بدواء دولوتيجرافير، المملوك للشركة البريطانية فيف هيلث-كير. والبديل هذه المرة تيجريفيرين، من تصنيع الشركة المصرية إيفا فارما. ولم تكن هذه المرة الأولى التي حاولت فيها الحكومة إيجاد بديل محلي. حيث سبق وأن طرحت دواءً بديلاً منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولكن لم يلقى استحسانًا من المستخدمين، فأوقفته الحكومة بعد أشهر من صرفه.
وفي يناير 2024، تفاجئ المتعايشين باختفاء تروفادا الدواء الأكثر شهرة والذي ارتبط اسمه كثيرًا بعلاج فيروس نقص المناعة أو الوقاية منه، وظهور كلوفيسيتابين من تصنيع الشركة المصرية إيفا فارما أيضًا. وسط انعدام تام للبيانات حول الأدوية البديلة التي تهم الآف المواطنين والأفراد في مصر سواء من الجهات الحكومية أو الشركة المصنعة إيفا فارما. فالبحث عبر الإنترنت باستخدام أسماء الأدوية البديلة لن تجدوا معلومة واحدة وكذلك داخل موقع إيفا فارما وحتى أن مسح رمز الاستجابة السريعة QR المزود على عبوة كلوفيسيتابين لا يؤدي إلى نتيجة سوى “الصفحة غير متوفرة”.
ومع انعدام البيانات حول الأدوية البديلة، نشر عشرات الأفراد عبر فيسبوك تساؤلات وتشكيكات بل إن بعضها وصل إلى نسج خيوط مؤامرتية حول “خطة للقضاء على الأفراد المتعايشين في مصر”، والتي من المؤكد أن البيانات التوضيحية الاستباقية من الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة الصحة والبرنامج الوطني لمكافحة الإيدز وهيئة الدواء المصرية والشركة المصنعة إيفا فارما كانت ستحدث فارقًا وستعمل على إجابة التساؤلات وبالتالي احتواء الشكوك.
الأدوية الأم
دواء تيفيكاي (Tivicay)
مادته الفعالة دولوتيجرافير(Dolutegravir) هو دواء مضاد للفيروسات القهقرية (ART) -نوع من أنواع الفيروسات- يستخدم لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) عن طريق منع الفيروس من دمج الحمض النووي الخاص به مع الحمض النووي للخلية المضيفة مما يعيق دورة تكاثر الفيروس.
دواء تروفادا (Truvada)
يتكون من مادتين فعالة وهما؛ إمتريسيتابين (Emtricitabine) وتينوفوفير (Tenofovir)، يستخدم في تثبيط (منع نشاط) فيروس نقص المناعة (HIV) عن طريق منع الحمض النووي للفيروس من التحول من RNA إلى DNA، مما يقلل من قوة ونشاط الفيروس وبالتالي يقل الحمل الفيروسي (Viral Load) في الدم.
ويستخدم دواء تروفادا مع أدوية أخرى مثل تيفيكاي لبناء نظام كامل لمنع تكاثر فيروس نقص المناعة (HIV) ويمكن مع الاستمرار عليه لمدة لا تقل عن 6 أشهر أن يجعل فيروس نقص المناعة في الدم أقل من 50 نسخة في الميللي أي غير قابل للكشف عن طريق تحليل الحمل الفيروسي (Undetected) وبالتالي يكون غير قابل للانتقال للآخرين.
الأدوية البديلة وشهادات من أفراد متعايشين عنها
دواء تيجريفيرين (Tegrivirin 50mg)
هو البديل المصري لدواء تيفيكاي (Tivicay) وهو من تصنيع شركة إيفا فارما ويحتوي على نفس المادة الفعالة وهي دولوتيجرافير (Dolutegravir) ويستخدم بنفس فعالية دواء تيفيكاي (Tivicay) تمامًا.
دواء كلوفيستيابين (CLOVICITABINE)
هو البديل المصري لدواء تروفادا (Truvada) من تصنيع شركة إيفا فارما ويحتوي على نفس المواد الفعالة لدواء تروفادا وهما؛ إمتريسيتابين (Emtricitabine) وتينوفوفير (Tenofovir) وبنفس فعالية تروفادا تمامًا.
وفي حديث مع أحد أفراد مجتمعات الميم من مصر، قال لؤي البالغ من العمر 27 عامًا لأطياف عند سؤاله عن كيف قدم له المستشفى التابع له الأدوية البديلة، “أول يوم أصرف فيه العلاج الجديد استغربت أنهم هيغيروا Truvada، قولتلهم غريبة يعني أنه هيتغير! العلاج التاني (تيفيكاي) هو اللي اتغير قبل كده 3 مرات وTruvada ثابت. قالولي متقلقش هو نفس المادة الفعالة. وطلبو مني أعمل تحليل PCR رغم إني كنت لسة عامله من شهرين بس.”
وأضاف لؤي عند سؤاله عن تجربته مع الأدوية البديلة، “مشكلة العلاج الجديد معايا إن طعمه وحش، وأنا باخد الحباية، وبيفضل ممرر طعم بقي بعدها وساعات بيعملي غثيان.”
هل ممكن استخدام الأدوية البديلة كـ بريب؟
يمكن استخدام هذه الأدوية كـ بريب (PrEP) أو وقاية من فيروس نقص المناعة، لأنها تحتوي على نفس المواد الفعالة للأدوية الأم.
وعند استخدام الأدوية كـ بريب، يستخدم تروفادا Truvada أو بدائله بدون الحاجة لاستخدام تيفيكاي Tivicay.
هل ستتاح الأدوية البديلة في الصيدليات؟ وهل ستكون أرخص سعرًا؟
تتواجد الأدوية البديلة في بعض الصيدليات حاليًا مثل صيدليات سيف والتي تغطي القاهرة بأكثر من 30 فرع. سعر الأدوية البديلة أرخص من الأدوية الأم، حيث آخر سعر لـ كلوفيستيابين بديل التروفادا 2000 جنية مصري بينما تروفادا (الدواء الأم) آخر سعر له 4000 جنية مصري وآخر سعر لـ تيجريفيرين بديل تيفيكاي 2800 جنية مصري بينما آخر سعر لـ تيفيكاي (الدواء الأم) 3400 جنية مصري.
ويرتفع سعر كلوفيستيابين في صيدلية سيف عن السعر المدون على عبوة الدواء والذي وزعته وزارة الصحة للأفراد المتعايشين خلال الشهرين الماضيين حيث السعر المدون أسفل العبوة 1056 جنيه مصري. ولم تتاح أي معلومات أكثر حول تواجد الدواء في السوق أو إتاحته سواء من الشركة المصنعة إيفا فارما أو الصيدليات التي توزع الدواء للجمهور في القاهرة وجميع أنحاء مصر.
كيف بدأ تصنيع الأدوية البديلة في مصر؟
وكانت هيئة الدواء المصرية قد أعلنت في نوفمبر 2020 عن إعطاء تسهيلات وحوافز “تشجيعية” للشركات التي تعمل على تلبية الاحتياجات الخاصة بوزارة الصحة والسكان المصرية من كافة أدوية فيروس نقص المناعة. مع إعطاء امتياز التسجيل السريع للشركات الراغبة في تلبية تلك الدعوة، بالتسجيل والتصنيع المحلي لأدوية فيروس نقص المناعة، وتسهيل كافة الإجراءات الخاصة بالأدوية أيضًا. معللة تلك التسهيلات والامتيازات بأهميتها في؛ خفض التكلفة التي تتحملها الحكومة، وتوفير الاحتياجات الدوائية للحكومة، وتوفير الأدوية التي تهم المريض المصري.
وفي مارس 2021، أطلقت الحكومة المصرية خطة استراتيجية لتوطين صناعة الدواء في مصر بهدف أن تكون الصناعة شاملة وتغطي أركان تصنيع الدواء المختلفة بداية من المواد الخام وحتى المنتج النهائي المعلب والجاهز للتوزيع محليًا أو التصدير خارجيًا. كما تهدف لضمان توافر الأدوية واستدامتها وتجنب أزمات غيابها عن السوق المصري والتي حدثت في مناسبات مختلفة ومتكررة، بجانب الحد من الضغط على الاقتصاد المصري بتقليل فاتورة الاستيراد خاصة مع الأدوية مرتفعة التكلفة مثل أدوية فيروس نقص المناعة والأورام.
ويركز التصدير على شمال أفريقيا والقارة الأفريقية والشرق الأوسط بشكل أساسي. ولتحقيق هذا الهدف، أسست الحكومة المصرية عدة مدن صناعية دوائية في أماكن متفرقة من الجمهورية المصرية. ويتحقق الأكتفاء الذاتي بتنفيذ أهداف الخطة الاستراتيجية منذ إطلاقها مع مرور الوقت وبملاحظة الجمهور ودون جدول زمني معلن أو تنويه مسبق من الحكومة أو الشركات المصنعة.
غياب التصنيع المحلي
وفي مايو 2021، وضمن حملة الحق في الدواء، ذكر مشروع حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية في القاهرة، والمعني بتقديم مقترحات لسياسات عامة للتعامل مع التحديات التي يواجهها المجتمع في مصر، أن أحد أدوية بروتوكول معالجة فيروس نقص المناعة البشرية دولوتيجرافير والمعروف تجاريًا باسم تيفيكاي ليس له بديل محلي في مصر، وبسبب الاستيراد وقيمة العملة المحلية مقارنة بالدولار، بلغ سعره 3416 جنيه مصري، وأن ثمنه المرتفع يصعّب على آلاف الأفراد في مصر شرائه. وطالب المشروع بتصنيع الدواء الجنيس مشددًا على أهمية تلك الخطوة، كونه سيوفر الدواء يحتاجه آلاف المرضى يوميًا بتكلفة أقل وبنفس الفاعلية. مضيفًا أن فترة حماية حقوق الملكية لكثير من الأدوية الأصلية انقضت وأصبحت في المجال العام بحيث يمكن إنتاجها واستغلالها تجاريًا دون التعدي على تلك الحقوق.
الشركة المصنعة للأدوية البديلة
تعتبر شركة إيفا فارما واحدة من أكبر شركات تصنيع الدواء في مصر وشمال أفريقيا والشرق الأوسط والقارة الأفريقية. وتأسست الشركة عام 1997، ويقع مقرها الرئيسي في القاهرة. وتقدم الشركة أنواع مختلفة من الدواء في السوق المصري منذ تأسسها، كما تُصدر لأكثر من 41 دولة حول العالم ومن بينهما دول الاتحاد الأفريقي والأوروبي. وتنتتج الشركة حاليًا أكثر من 300 مستحضر دوائي وتعمل على إنتاج 500 مستحضر آخرين، وتنتج في اليوم الواحد أكثر من مليون جرعة من مستحضراتها الدوائية. وتقول الشركة أنها ملتزمة بـ”أعلى معايير الجودة” في عمليات التصنيع، كما أنها حاصلة على اعتمادات مختلفة في الجودة من هيئة الدواء المصرية، ووكالة الأدوية الأوروبية، ووزارة الصحة الكندية، والهيئة السعودية للغذاء والدواء، والجهات التنظيمية في كلا من الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، حسبما يذكر موقع الشركة.
لا يوجد أي فرق في الفعالية بين الأدوية المصنعة محليًا في مصر وبين الأدوية الأم حيث أنها تتشارك نفس المواد الفعالة ونفس التركيزات وتؤكد كافة المؤشرات المتاحة على ذلك.