أطياف

هل المثلية الجنسية شذوذ جنسي؟

من الشائع استخدام مصطلحات مثل “شذوذ” أو “مخالفة الطبيعة” عند الإشارة إلى المثلية الجنسية والمثليين من الأشخاص الذين يجهلون حقيقة المثلية والمثليين أو يكرهون المثليين. 

يحدث هذا الاستخدام من شخصيات عامة ورموز دينية وإعلاميين وصحفيين ومسؤولين حكوميين وآخرون مؤثرون في المجتمع.

فهل المثلية الجنسية شذوذ أو مخالفة للطبيعة فعلاً؟ وهل المثليين شواذ جنسيًا ومخالفين للطبيعة؟ نناقش هذه السرديات المجتمعية الشائعة والراسخة منذ عقود والمتسخدمة بشكل كبير في الإشارة للمثلية والمثليين في هذه المقالة.

من المهم معرفة أن المثلية الجنسية ليست شذوذًا ولا تنافي الطبيعة. بل إن المثلية الجنسية جزء طبيعي وعادي من التنوع في التوجه الجنسي البشري وعند الكائنات الحية مثل الطيور والحشرات والحيوانات.

المنظور العلمي يؤكد أن المثلية ليست شذوذ

لُوحظت المثلية الجنسية لدى أكثر من 1500 نوع من الحيوانات، مما يشير إلى أن السلوك المثلي جزء من التنوع البيولوجي الطبيعي. 

تُظهر العديد من الأنواع والفصائل الحية، من الثدييات والطيور والحشرات، سلوكيات جنسية مثلية مع نفس الجنس بأشكال مختلفة، سواءً للتزاوج أو الترابط الاجتماعي أو لأسباب أخرى.

كما تتنوع التوجهات الجنسية البشرية، ويُعتبر التوجه الجنسي، بما في ذلك المثلية الجنسية، جزءًا طبيعيًا وعاديًا من هذا التنوع.

تُقرّ الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (APA)، وهي أكبر مؤسسة نفسية طبية علمية في العالم، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وهي أكبر منظمة صحية حكومية دولية على مستوى العالم، وغيرها من المنظمات الصحية والنفسية الرئيسية بأن كون الشخص مثليًا أو مثلية أو مزدوج الميول الجنسية هو ببساطة جزء من التنوع الطبيعي والعادي في التوجه الجنسي البشري وليس اضطرابًا أو شذوذًا أو مخالفة للطبيعة.

وفي حين لا توجد نظرية واحدة تُفسر سبب كون بعض الناس مثليين، كما لا توجد نظرية واحدة تُفسر سبب كون بعض الناس مغايرين أو مزدوجي التوجه الجنسي، إلا أن هناك العديد من النظريات التطورية المعقولة التي تُشير إلى أنه قد يكون لها فوائد تكيفية.

على سبيل المثال، قد يعزز الترابط بين أفراد من نفس الجنس لدى بعض الأنواع تماسك الجماعة، ولدى البشر، قد يساهم المثليين في بناء الأسر ورعاية من يحتاجون للرعاية وخاصة من الأفراد والأطفال بلا مأوى بطرق تعزز بقاء الأقارب وأمان وسلامة المجتمع.

كما يساهم المثليين في مجالات الحياة المختلفة مثل العلوم والمعرفة والفنون والثقافة وغيرها.

هل المثلية مرض؟

السياق الثقافي والتاريخي:

السجلات التاريخية: وُثِّقت المثلية الجنسية عبر ثقافات وفترات تاريخية مختلفة، من مصر القديمة واليونان القديمة وروما إلى المجتمعات الأصلية حول العالم.

ولم يُصنَّف التوجه الجنسي المثلي والمثلية على أنها مرض أو وصم في سياقات دينية أو ثقافية معينة إلا مؤخرًا نسبيًا، وخاصة في التاريخ الغربي، وهو الذي عمل على تشجيع تجريم المثليين وعدم قبول المثلية والمثليين مع احتلال الغرب للدول المختلفة في قارات أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

تختلف الآراء الثقافية حول المثلية الجنسية بشكل كبير، ولكنها موجودة في كل المجتمعات والدول والعالم. ومع ذلك، أدت التحيزات التاريخية والثقافية أحيانًا إلى تصور المثلية الجنسية على أنها “غير طبيعية” بين بعض المجتمعات، وخاصة في المجتمعات التي تُركِّز بشدة على الزواج والإنجاب بين الجنسين وتعتبر أنهما أساس قيمة الإنسان وحقوقه أو تتبنى قيم تقليدية ومحافظة.

المنظورات النفسية والاجتماعية:

المثلية الجنسية ليست خيارًا، وليست شيئًا “يتعلمه” الناس أو “يقررونه” أو تنتج من قرار شخصي. إنها جانب متأصل في هوية الشخص ينشأ بشكل طبيعي.

ألغت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين تصنيف المثلية الجنسية كمرض عقلي عام 1973، مُقرةً بأنها ليست اضطرابًا، بل هي ببساطة جزء من التنوع الجنسي البشري بعد أن فشلت الأبحاث العلمية في إثبات الرأي المجتمعي السائد آنذاك بأن المثلية “مرض”.

قد تُشكل الوصمة المرتبطة بالمثلية الجنسية في بعض المجتمعات تحدياتٍ لأفراد مجتمع المثليين، بما في ذلك الكراهية والرفض والتمييز، ومشاكل الصحة النفسية، والاستبعاد الاجتماعي. ومع ذلك، فإن هذا نتيجة الجهل المجتمعي والكراهية والرفض العام، وليس لأي شذوذ متأصل في التوجه الجنسي للمثليين.

الخلاصة:

المثلية الجنسية ليست شذوذًا وليست غير طبيعية. إنها تنوع طبيعي في التوجه الجنسي البشري، وهي جزء من تنوع التجربة الإنسانية. 

وقد ازداد القبول والفهم الاجتماعي بمرور الوقت مع تطور العلم والمعرفة والتقليل من الجهل والكراهية والعنف حول العالم، ويرى الكثير من الناس الآن التنوع الجنسي جزءًا إيجابيًا من الحياة البشرية، ومن الضروري تعزيز التعاطف والاحترام والتفهم تجاه جميع التوجهات الجنسية وجميع الأفراد بمختلف توجهاتهم الجنسية.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.