أطياف

لماذا يتم الترويج للمثلية الجنسية؟

يتداول بين أفراد المجتمع وعلى لسان الشخصيات العامة وفي كل مكان سؤال “لماذا يتم الترويج للمثلية؟”. نناقش في هذه المقال هذا السؤال من خلال هل يمكن “الترويج” أو “تشجيع” المثلية الجنسية؟

لا، لا يمكن “الترويج” أو “تشجيع” المثلية الجنسية بالطريقة التي قد يتصورها البعض.

فالتوجه الجنسي، بما في ذلك المثلية الجنسية، جزءٌ متأصلٌ في هوية الشخص، ويتطور بشكل طبيعي، ولا يمكن تغييره أو التأثير عليه من خلال الكلام أو وسائل الإعلام أو الأفلام والمسلسلات والأغاني أو من عبر منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو العوامل الخارجية. إليك بعض النقاط الرئيسية لتوضيح ذلك:

التوجه الجنسي ليس اختيارًا أو قرارًا شخصيًا

المثلية الجنسية جزء من التنوع طبيعي في التوجهات الجنسية البشرية. والتوجهات الجنسية لا يمكن “تعلمها” أو “تعليمها” من خلال التعرض لوسائل الإعلام أو التأثيرات الاجتماعية وإلا كان المجتمع كله قد أصبح مغاير جنسيًا بما أن وسائل الإعلام والتعليم والثقافة العامة تخدم وتبرز التوجهات الجنسية المغايرة على مر التاريخ دون غيرها من التوجهات الجنسية مثل المثلية الجنسية وازدواجية التوجه الجنسي واللاجنسية.

لا “يصبح” الناس مثليين بسبب ما يشاهدونه في وسائل الإعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها؛ بل إن التوجه الجنسي جزءٌ من هوية الشخص، التي تتشكل من خلال مزيج معقد من العوامل الوراثية والهرمونية والجسدية والعقلية.

تتفق كلٌ من الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (APA)، وهي أكبر مؤسسة نفسية طبية علمية في العالم، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وهي أكبر منظمة صحية حكومية دولية على مستوى العالم، وغيرها من المنظمات الصحية والنفسية الرئيسية على أن التوجه الجنسي ليس شيئًا يمكن اكتسابه أو تغييره من خلال التأثيرات الخارجية، بما في ذلك وسائل الإعلام أو البيئات الاجتماعية والمحيطة.

هدف الظهور في وسائل الإعلام إنهاء الكراهية والعنف ضد المثليين

يُعد التمثيل الإعلامي لأفراد مجتمع المثليين، بما في ذلك الشخصيات والقصص المثلية، أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز حضورهم وقبولهم والحد من المفاهيم والتصورات النمطية الخاطئة والمعلومات المغلوطة.

حيث يساعد ذلك على الحد من ثقافات الكراهية وممارسات العنف ضد المثليين ويزيد من تنمية التعاطف والتفهم تجاه الأشخاص ذوي الميول الجنسية المختلفة مما يزيد من السلم والأمن المجتمعي وبين البشر.

لا يُشجع تمثيل المثليين في وسائل الإعلام أو الحديث والنشر عنهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الناس على أن يكونوا مثليين؛ بل يعكس ببساطة تنوع التجارب والهويات الإنسانية الموجودة بالفعل في المجتمع. كما أنه يسمح للمثليين برؤية أنفسهم في القصص، مما قد يكون مُمكِّنًا ومُؤكدًا ويساعد على تصحيح المفاهيم المغلوطة ويضمن الحماية والحقوق للجميع.

المثلية الجنسية موجودة عبر التاريخ وعبر الثقافات وقبل وجود الإعلام الحديث

لطالما وُجدت المثلية الجنسية عبر التاريخ وعبر الثقافات، حتى قبل ظهور وسائل الإعلام الحديثة. من المهم أن نفهم أن الناس لطالما امتلكوا توجهات جنسية مختلفة منذ وجود البشرية، وأن التعرض لأنواع معينة من وسائل الإعلام لا “يخلق” أو “يعزز” توجهات جنسية جديدة. بل يساعد على إعطاء صوت لمن تم تهميشهم أو إسكاتهم وإقصائهم من الظهور الإعلامي والثقافي.

حيث وُثِّقت المثلية الجنسية عبر ثقافات وفترات تاريخية مختلفة، من مصر القديمة واليونان القديمة وروما إلى المجتمعات الأصلية والحضارات الصينية واليابانية والفارسية والعربية والإسلامية وحول العالم.

المفاهيم الخاطئة حول “الترويج” للمثلية أو لميول جنسية معينة

يجادل بعض النقاد بأن تمثيل وسائل الإعلام للمثليين يمكن أن “يعززها” أو “يزيد” من وجودهم، لكن هذا مبني على سوء فهم. فالتمثيل الإعلامي لا يهدف إلى تشجيع الناس على تغيير توجههم الجنسي؛ بل إلى عكس التجارب المعيشية لأفراد مجتمع المثليين وإبرازهم مع التحديات والمشاكل التي يواجهوها في قطاعات ومجالات الحياة المختلفة مثل القطاع القانوني والصحي والتعليمي والاقتصادي والثقافي وغيرها.

من المهم الإشارة إلى أن لكل شخص، بغض النظر عن ميوله الجنسية، الحق في أن يُمثل في وسائل الإعلام. إن وسائل الإعلام التي تعرض شخصيات أو قصصًا من مجتمع المثليين تُقر ببساطة بوجود المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي واللاجنسيين، وأنهم يستحقون أن يُنظر إليهم بإنصاف ودقة.

تشجيع القبول والتعايش وإنهاء الكراهية والعنف لا تشجيع المثلية الجنسية كتوجه جنسي

يهدف إدراج شخصيات ومواضيع مجتمع المثليين في وسائل الإعلام إلى تشجيع القبول والفهم والمساواة والتخلص من الجهل والظلم والكراهية والعنف، وليس إلى “الترويج” لأي توجه محدد. من خلال عرض شخصيات مجتمع المثليين في أدوار متنوعة في الأفلام والمسلسلات والأغاني والشعر والثقافة، يمكن لوسائل الإعلام أن تُساعد في مكافحة الصور النمطية الضارة وتهيئة بيئة أكثر شمولاً للأشخاص من جميع الميول الجنسية مما يضمن حماية الجميع والحفاظ على حقوقهم وبالتالي حفظ السلام والأمن في المجتمع وبين الناس.

الخلاصة:

المثلية الجنسية جزء طبيعي وعادي من التنوع البشري وبين الكائنات الحية مثل الطيور والحيوانات والحشرات، ولا يمكن “الترويج لها” أو “تشجيعها” من خلال وسائل الإعلام أو التأثير الخارجي.

ومع ذلك، يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز القبول والفهم والمساواة والتعايش المجتمعي في الحقوق لأفراد مجتمع المثليين.

ظهور وتمثيل المثليين في وسائل الإعلام يعكس ببساطة حقيقة من هم هؤلاء الناس وما هي حقوقهم وما هي التحديات والمشاكل التي يتعرضون لها وتؤثر على صحتهم وحياتهم وتمنعهم من العيش الكريم مثل باقي البشر، مما يساعد على خلق مجتمع أكثر شمولاً وتعاطفًا وأكثر أمنًا وسلامًا.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.