لا، المثلية الجنسية ليست شيئًا يكتسبه الشخص مثل أن يكتسب عادة أو سلوك ما، بل إن المثلية الجنسية ميول جنسية طبيعية وجزء لا يتجزأ عن هوية الشخص ويولد بها.
كما أن المثلية الجنسية تنوع طبيعي في التوجه الجنسي البشري وعند الكائنات الحية، حيث توجد المثلية الجنسية عند كل الكائنات الحية الموجودة على الكوكب.
قد يستغرق بعض الأفراد وقتًا في اكتشاف ميولهم الجنسية المثلية وهذا لا يعني أنهم اكتسبوها، بل يعني أنهم نضجوا عاطفيًا بحيث أصبحوا أكثر قدرة على فهم ميولهم وهويتهم الجنسية.
حيث أن اكتشاف الهوية الجنسية يختلف من شخص لآخر وتلعب عوامل مختلفة وذاتية دورًا في رحلة اكتشاف الهوية الجنسية كجزء من اكتشاف الذات وفهمها والتواصل معها.
يُدرك معظم المثليين توجههم الجنسي خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة، مع أن توقيت ووضوح هذا الوعي والاعتراف بالميول الجنسية المثلية وتجنب الإنكار قد يختلف من فرد لآخر. يعرف الكثير من المثليين ميولهم مبكرًا، لكنهم يجدون صعوبة في قبولها أو الاعتراف بها لأنفسهم بسبب الضغوط الدينية والمجتمعية والثقافية المحيطة أو الداخلية التي أثرت عليهم نتيجة التربية.
رأي العلم في المثلية الجنسية واكتسابها
تشير الأبحاث في مجالات علم النفس وعلم الأعصاب وعلم الوراثة إلى أن التوجه الجنسي بشكل عام، أي المغايرة الجنسية والمثلية الجنسية وازدواجية التوجهات الجنسية واللاجنسية وغيرها، هو تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والوراثية (الجينية) والبيئية.
فعلى سبيل المثال، تشير الدراسات التي أجريت على التوائم إلى وجود عنصر وراثي في التوجه الجنسي، على الرغم من عدم تحديد “جين مثلي” واحد، أي أن جينات متنوعة قد تلعب دورًا في تحديد الميول والتوجهات الجنسية بشكل عام.
المثلية الجنسية ليست اختيارًا شخصيًا ولا يمكن تعلمها من المحيط
المثلية الجنسية ليست اختيارًا، وليست شيئًا “يتعلمه” الناس أو “يقررونه” أو تنتج من قرار شخصي. إنها جانب متأصل في هوية الشخص موجود عندهم بشكل طبيعي.
التوجهات الجنسية لا يمكن “تعلمها” أو “تعليمها” من خلال التعرض لوسائل الإعلام أو التأثيرات الاجتماعية أو التواجد مع المثليين أو حولهم أو مصادقتهم وإلا كان المجتمع كله قد أصبح مغاير جنسيًا بما أن وسائل الإعلام والتعليم والثقافة العامة تخدم وتبرز التوجهات الجنسية المغايرة على مر التاريخ دون غيرها من التوجهات الجنسية مثل المثلية الجنسية وازدواجية التوجه الجنسي واللاجنسية.
لا “يصبح” الناس مثليين بسبب ما يشاهدونه في وسائل الإعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها؛ بل إن التوجه الجنسي جزءٌ من هوية الشخص، التي تتشكل من خلال مزيج معقد من العوامل الوراثية والهرمونية والجسدية والعقلية.
تتفق كلٌ من الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (APA)، وهي أكبر مؤسسة نفسية طبية علمية في العالم، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وهي أكبر منظمة صحية حكومية دولية على مستوى العالم، وغيرها من المنظمات الصحية والنفسية الرئيسية على أن التوجه الجنسي ليس شيئًا يمكن اكتسابه أو تغييره من خلال التأثيرات الخارجية، بما في ذلك وسائل الإعلام أو البيئات الاجتماعية والمحيطة.
لا يوجد ما يثبت أن المثلية الجنسية مكتبسة عكس المتداول مجتمعيًا
من الشائع بين عدد كبير من المجتمع وحتى بين المثليين أن المثلية الجنسية مكتسبة أو يمكن اكتسابها وليست ميول جنسية طبيعية وعادية وجزء من التنوع عند البشر والكائنات الحية.
يرجع هذا الاعتقاد الشائع إلى سنوات من التضليل الإعلامي والثقافي ونشر المعلومات الخاطئة والمغلوطة عن المثلية والمثليين بدافع عدم فهم المثليين وكراهيتهم والتحريض ضدهم على العنف.
كما يلعب الأطباء النفسيين والأطباء والعلماء دورًا في نشر معرفة كاذبة وخاطئة عن المثلية والمثليين مما يعزز من تلك النظرة غير الدقيقة.
حيث لا يوجد دليل موثوق وعلمي يدعم الفكرة والنظرة المنتشرة بأن المثلية الجنسية يمكن “اكتسابها” أو أنها “صفة مكتسبة” أو “سلوك مكتسب” كما يردد الإعلام والأطباء والعلماء الكارهين والرافضين للمثليين وحقوقهم.
تُقرّ الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (APA)، وهي أكبر مؤسسة نفسية طبية علمية في العالم، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وهي أكبر منظمة صحية حكومية دولية على مستوى العالم، وغيرها من المنظمات الصحية والنفسية الرئيسية والكبرى حول العالم بأن كون الشخص مثليًا أو مثلية أو مزدوج الميول الجنسية هو ببساطة جزء من التنوع الطبيعي والعادي في التوجه الجنسي البشري وليس اضطرابًا أو شذوذًا أو مخالفة للطبيعة أو ميول أو سلوك مكتسب.
وفي حين لا توجد نظرية واحدة تُفسر سبب كون بعض الناس مثليين، كما لا توجد نظرية واحدة تُفسر سبب كون بعض الناس مغايرين أو مزدوجي التوجه الجنسي، إلا أن هناك العديد من النظريات التطورية المعقولة التي تُشير إلى أنه قد يكون لها فوائد تكيفية.
على سبيل المثال، قد يعزز الترابط بين أفراد من نفس الجنس لدى بعض الأنواع تماسك الجماعة، ولدى البشر، قد يساهم المثليين في بناء الأسر ورعاية من يحتاجون للرعاية وخاصة من الأفراد والأطفال بلا مأوى بطرق تعزز بقاء الأقارب وأمان وسلامة المجتمع.
كما يساهم المثليين في مجالات الحياة المختلفة مثل العلوم والمعرفة والفنون والثقافة وغيرها.
لا يمكن تغيير الميول الجنسية أو علاجها
لا يمكن تغيير الميول الجنسية سواء المغايرة الجنسية أو المثلية الجنسية أو ازدواجية الميول الجنسية أو اللاجنسية أو غيرها، وخاصةً الميول المثلية، لأن المثليين ومزدوجي الميل الجنسي (بايسكشوال) ليسوا مرضى يمكن علاجهم، كما أن المثلية الجنسية ليست مرض ولا يمكن علاجها أو تغييرها مثلها مثل باقي الميول الجنسية.
وعلى الرغم من استمرار المعلومات الخاطئة التي تُصوِّر المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي (بايسكشوال) على أنهم مرضى ومضطربين إلا أن الأبحاث والتجارب العلمية أثبتت أن الميول المثلية والمزدوجة تُمثل أشكالًا طبيعية من الحياة البشرية والتجارب الإنسانية.
كما إن العلاقات بين المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي هي أشكال طبيعية من الترابط الإنساني.
وأدرك عدد كبير من المنظمات والمؤسسات الطبية والنفسية والعلمية حول العالم وخاصة الكبرى منذ زمن طويل أن تصنيف المثلية الجنسية كاضطراب نفسي يعتبر خطأ كبير جدًا.
وقالت تلك المنظمات والمؤسسات العلمية الكبرى أن محاولة تغيير الميول الجنسية المثلية مضرة وتؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي حيث يصيبهم بمشاكل مثل الاكتئاب والميول والمحاولات الانتحارية وأن من يدعي أنه يمكن علاج المثلية فهو كاذب ويروح لعلوم كاذبة.
الخلاصة:
لم يكتسب أي إنسان توجهه الجنسي، فلم يكتسب المغاير جنسيًا ميوله الجنسية، كما لم يكتسب مزدوج الميول الجنسية (بايسكشوال) ميوله الجنسية، كما لم يكتب المثلي ميوله الجنسية، وإنما اكتشف كل واحد منهما ميوله الجنسية في فترات مختلفة من حياته وربما لعب التجارب الحياتية أدوراها في المساعدة على اكتشاف الميول الجنسية والتواصل معها كـ جزء من اكتشاف ومعرفة الذات والتواصل معها.
لم يتأثر أي من أصحاب الميول الجنسية المختلفة بالمحيط أو الإعلام أو الأفلام والمسلسلات والأغاني ووسائل التواصل الاجتماعي، وإن ساعدته على تعريف ومعرفة مشاعر اختبرها بالفعل، تكون ساعدتها على التواصل مع ذاته لا تغييرها.
حيث أن الميول الجنسية لا يمكن تغييرها بأي شكل من الأشكال وتكون محاولات تغييرها ضارة ومدمرة للشخص نفسيًا وجسديًا.
من المهم أن يتقبل كل فرد ميوله الجنسية كـ جزء من تقبله لـ ذاته وهويته والتواصل معها وتقدريها وعدم التحقير منها أو نبذها وكذلك عدم نبذ أو التحقير أو كراهية أصحاب الميول الجنسية الأخرى، لأن البشر متنوعين ومختلفين، وبالتعايش السلمي والترابط الإنساني تقوى المجتمعات والبشرية.