تحت وطأة الحصار والحرب، يعيش سكان قطاع غزة معاناة لا توصف. ولكن خلف هذه المعاناة الجماعية، توجد قصص فردية تكشف عن أبعاد جديدة لهذه الأزمة الإنسانية.
يعاني قطاع غزة من نقص حاد في الأدوية الأساسية، بما في ذلك الأدوية الخاصة بفيروس نقص المناعة ومرض الإيدز.
واحدة من هذه القصص هي قصة الشاب الفلسطيني E.S. البالغ من العمر 27 عامًا والمتعايش مع فيروس نقص المناعة البشرية في غزة.
تحدث الشاب مع الصحفي عفيف نسولي ومنظمة The intercept الإخبارية تحت اسم مستعار لتجنب وصمة العار المجتمعية واستهداف السلطات الإسرائيلية.
قائلًا: “أخبرني طبيبي أن الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية قد نفدت تمامًا ولم يتبقَ شيء منها في المخازن”.
يحتاج الشاب E.S. إلى تينوفوفير، وهو دواء أساسي لفيروس نقص المناعة البشرية، ولوبينافير/ريتونافير، وهو دواء مرافق للأساسي.
وتوشك الجرعات التي حصل عليها الشاب على النفاد، وكي يطيل من أمد الأدوية قدر الإمكان، يتخطى الجرعات الصباحية، وهو ما يعرض حياته للخطر.
ولشهور، تجنب الشاب طلب المساعدة العلنية لأنه لم يرغب في الحديث عن نقص مخزونه من الأدوية بينما يقتل الجيش الإسرائيلي.
جيرانه لقد شعر بالحرج من طلب المساعدة عندما كان الآخرون يتضورون جوعًا أو يفقدون عائلاتهم.
أثر نقص الأدوية التي تعطل فيروس نقص المناعة وانتشاره بالجسم ونقص قدرات الجهاز المناعي على الصحة الكلية للشاب E.S. وقدرته على المشي.
وأصبح يستخدم مشاية للتمكن من الحركة والتي أصبحت بطيئة. كما يخشى فقدان القدرة على المشي تمامًا.
ومع فرض قوات الاحتلال الإسرائيلي التهجير القسري على سكان أماكن متفرقة من غزة وخاصة الشمال، حيث يعيش الشاب مع أمه وأخيه الأصغر وقططه، قد يكون هذا بمثابة حكم إعدام للشاب.
تعكس قصة الشاب الفلسطيني E.S. حجم الكارثة التي يعانيها المتعايشين مع فيروس نقص المناعة في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الذي يعيق كافة مناحي الحياة أمام المرضى في غزة.
ورغم نفي إسرائيل حظر الأدوية من دخول قطاع غزة.
فقد أخبرت مجموعات المساعدات الدولية منظمة The Intercept بأن إسرائيل حظرت أدوية فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز خصيصًا من دخول القطاع.
كما قالت وزارة الصحة بغزة أنها اتصلت بمرضى فيروس نقص المناعة والإيدز في بداية الحرب، وحثتهم على زيارة مرافق صحية محددة، “وصرفت علاجاتهم لمدة 3 أشهر”.
وأضافت الوزارة: “لسوء الحظ، لم تعد علاجاتهم متاحة في الوقت الحالي”.
وفقًا لمقال “فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز في فلسطين: مصدر قلق متزايد”، المنشور عام 2020 في مجلة الأمراض المعدية الدولية، لم يوثق سوى حوالي 100 حالة إصابة بفيروس نقص المناعة والإيدز رسميًا من وزارة الصحة الفلسطينية.
ومع ذلك، وجد التقرير “تزايد القلق حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالإيدز” بشكل عام، و”فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) جزء من هذا القلق”.
رغم كل الصعوبات، يبذل المجتمع المدني والمنظمات الدولية الجهد لمساعدة مرضى فيروس نقص المناعة والإيدز في غزة.
تعمل هذه المنظمات على توفير الأدوية والمعدات الطبية، وتقديم الدعم النفسي للمرضى وأسرهم. لكن لا تزال هذه الجهود غير كافية لتلبية احتياجات المتعايشين والمرضى.
تشكل الإبادة الإسرائيلية والحصار على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 انتهاكات صارخة للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
لم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي بعشرات آلاف القتلى والجرحى من الشعب الفلسطيني نتيجة حربها واستهدافها المباشر، بل تعمل على قتل آلاف المواطنين الفلسطنيين بحرمانهم من العلاج وحقوقهم الصحية والتي تعتبر حق أساسي من حقوق الإنسان.
مما يمثل جريمة ضد الإنسانية تضاف إلى السجل الإسرائيلي الطويل من الانتهاكات المختلفة التي تستهدف الفلسطنيين في غزة والضفة الغربية طوال العقود الماضية.