أعلن فريق من العلماء في كلية إمبريال بالعاصمة البريطانية لندن عند اكتشاف جديد ومذهل عن المثلية الجنسية في الحيوانات من خلال مراقبة مجموعة من القرود.
حيث بينت المراقبة أن معظم ذكور القرود في هذه المجموعة التي تعيش على جزيرة صغيرة قبالة الساحل الشرقي لبورتوريكو، والمكونة من حوالي 2000 حيوان قد انخرطوا في علاقات جنسية مع ذكور آخرينة.
ونشرت الدراسة التي استمرت 3 سنوات على السلوك الاجتماعي والسلوك الجنسي بين 236 ذكر من قرود المكاك شبه البرية في مجلة نيتشر العلمية الشهيرة ومقرها لندن ببريطانيا في يوليو 2023.
أظهرت نتائج الدراسة مجتمعة أن السلوك الجنسي المثلي والمزدوج شائع في قرود المكاك الريسوس، ويمكن أن يتطور، وغير مكلف، مما يشير إلى أن السلوك الجنسي المثلي والمزدوج قد يكون سمة مشتركة لبيئة التكاثر لدى الرئيسيات.
أثار الاكتشاف تساؤلات حول ما يسميه علماء الحيوان بـ مفارقة داروين والتي تشكك في وجود فائدة للسلوكيات المثلية بسبب أنها لا “تؤدي إلى الإنجاب، نظرًا لتبنيهم نظرية “حتمية التكاثر.
وفقًا لنظرية التطور، من المفترض أن تورث الجينات والسلوكيات التي تمنح ميزة تنافسية عبر الأجيال. فما الفائدة الجينية في العلاقات الجنسية المثلية التي لا يمكن أن تؤدي إلى الإنجاب؟
ردًا على هذا السؤال، قال البروفيسور فينسنت سافولينين، المسؤول عن البحث وأستاذ علم الأحياء العضوية، لـ ITV News: “إن الذكور الذين يمارسون الجنس مع بعضهم البعض يتحدون للقتال ضد الحيوانات الأخرى”.
وأضاف البروفيسور: “بهذه الطريقة قد يصلون إلى المزيد من الإناث، وبالتالي ينجبون المزيد من الأطفال. لذا على الرغم من أنهم يمارسون الجنس المثلي، فإنهم في الواقع مزدوجي التوجه الجنسي ويبنون ميزة تكيفية”.
استطلاع رأي يكشف عدم نشر العلماء للأبحاث التي تكشف المثلية الجنسية في الحيوانات
من المشكلات التي أبرزتها الإحصائية الأكاديمية المنشورة في يونيو 2024 عبر PLOS One وهي مجلة علمية طبية مفتوحة المصدر وتعتمد على مراجعة الأقران في المجالات الأكاديمية وتنشظ منذ عام 2006 ومقرها كاليفورنيا بالولايات المتحدة، التحيز في المجلات العلمية ضد نشر الأوراق والأبحاث التي تناقش أو ترصد السلوكيات المثلية ومزدوجة الميول الجنسية في عالم الحيوان.
يقول الباحثون في علم الحيوان إن العلاقات المثلية سُجلت في أكثر من 1500 نوع.
لكن يعتقد العلماء أن هذا الرقم من المحتمل أن يكون أقل من الحقيقة. حيث أن هذا الجانب من التاريخ الطبيعي تعرض للتجاهل فترة طويلة.
لوحظ هذا التجاهل لأول مرة في عام 1912، عندما استغرق الأمر قرنًا من الزمن لنشر تقارير عن العلاقات المثلية بين البطاريق في القطب الجنوبي.
لم يكن العالم في هذا الوقت مستعد لهذه الاكتشافات، واستمرت الموقف المتحيزة ضد المعرفة والاكتشافات العملية التي تكشف عن المثلية الجنسية وازدواجية الميول الجنسية والتنوع الجنسي عامة سنوات عديدة.
كُشف أن العلماء والباحثين غالبًا ما كانوا يتجاهلون أو يقللون من أهمية هذه السلوكيات في دراساتهم العلمية.
هذا التجاهل للميول المثلية والمزدوجة في الحيوانات ليس حدثًا من الماضي فحسب. حيص تشير الدراسة المنشورة حديثًا بناءً على استطلاع الرأي إن 18% فقط من العلماء والباحثين قد نشروا السلوكيات المثلية والمزدوجة والتنوع الجنسي عند الحيوانات التي رصدوها في أبحاثهم.
ويُعتقد أن هناك بعض الأسباب التي تجعل العلماء يقللون من أهمية السلوكيات المثلية في الحيوانات. في الماضي، سيطرت مخاوف من أنه إذا نشر باحث دراسة حول هذه السلوكيات، قد يتم ربطه بها مما يضر بمسيرته المهنية والعلمية.
ولكن في العصر الحديث يبدو أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا منها عدم القدرة على تأمين تمويل لدراسة السلوكيات المثلية والمزدوجة والتنوع الجنسي بين الحيوانات بمفردهما أو أن الموضوع لم يكن أولولية للدراسة، أو أنهم يخططون النشر مستقبلًا عما رصدوه، أو لم يكونوا في وضع يسمح لهم بالنشر أو لم يكن لديهم الوقت للنشر.
المثلية الجنسية وازدواجية الميول الجنسية عند الحيوانات كمحل اهتمام العلماء والباحثين
ينبع الاهتمام الأكاديمي عبر عقود بالمثلية الجنسية وازدواجية الميول الجنسية لدى الحيوانات من الرغبة في فهم تنوع السلوكيات الجنسية في الطبيعة وأهميتها التطورية والبيئية والاجتماعية.
يدرس الباحثون هذه السلوكيات في أنواع مختلفة لاستكشاف الفوائد التطورية المحتملة، مثل اختيار الأقارب، والترابط الاجتماعي، واستراتيجيات الإنجاب.
تتحدى هذه الدراسات وجهات النظر التقليدية حول التكاثر الجنسي وتساعد في توسيع الفهم البشري للتنوع الجنسي، وتقدم رؤى حول الهياكل الاجتماعية، والاختيار الجنسي، وعلم الأعصاب للسلوك الجنسي.
كما يساهم استكشاف جنسانية الحيوانات في دفع ناقشات واسعة النطاق حول الجنسانية والجندر عند البشر، مما يسلط الضوء على تعقيد ومرونة التوجه الجنسي عبر الأنواع الحية.