كينيا: الأشخاص بينيي الجنس (الإنترسكس)يواجهون تحديات مركبة

يواجه الأشخاص بينيي الجنس/الإنترسكس (Intersex) في كينيا تحديات كبيرة في حياتهم اليومية، بدءًا من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية المناسبة إلى الرفض الاجتماعي والتهميش.

هذه الفئة من المجتمع، التي تتعدد أسماؤها وتختلف تسمياتها في الثقافات المختلفة، لا تجد دائمًا الدعم الذي تحتاجه سواء من المجتمع أو من النظام الصحي. هذه المقالة تتناول قصة جون وتجربة العديد من الأشخاص بينيي الجنس في كينيا، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية والسياسات التي تسعى لتحسين أوضاعهم.

جون، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام الاجتماعي، نشأ في بيئة مليئة بالتحديات النفسية والاجتماعية بسبب كونه بيني الجنس. كان يعاني من صراع داخلي منذ طفولته حيث كان يشعر بأنه مختلف ولكن لم يكن لديه الكلمات لتوضيح ذلك.

صرح جون قائلاً: “كبرت وأنا أشعر بأنني مختلف، لكنني لم أكن أملك الكلمات لأصف شعوري”. كانت تلك المشاعر تتفاقم عندما يواجه أسئلة حتمية عن جنسه، وأسوأ لحظاته كانت في المؤسسات الطبية حيث كانت تواجهه نظرات الاستهجان والسخرية.

تجربة جون في زيارة إحدى المرافق الصحية، حيث رفضت الممرضة ملء بياناته بسبب عدم وضوح جنسه، كانت واحدة من أسوأ لحظات حياته.

يقول جون: “عندما شرحت حالتي، عبست الممرضة وهمست بشيء لزميلتها، وسرعان ما تجمع عدد من الممرضين والمتدربين حولي، يحدقون بي وكأنني في مختبر علمي”. شعر جون بالإهانة الشديدة وترك المكان دون أن يحصل على الرعاية الطبية.

يتعرض الأشخاص بينيي الجنس في كينيا إلى وصمة اجتماعية شديدة، خاصة في المجتمعات الريفية. في بعض المناطق مثل منطقة “كيسي” (Kisii)، يُنظر إلى الأطفال بينيي الجنس باعتبارهم “شؤمًا” أو “لعنة”، ما يدفع الأسر إلى إخفاء أطفالهم. ومع ذلك، هناك أيضًا بعض الأسر التي تحتضن هؤلاء الأطفال وتعتبرهم مميزين، حيث كانوا في الماضي يُنظر إليهم كـ “أنبياء” أو “منزلين للمطر”.

وتوضح منظمة إنترسكس كينيا أن الوعي المحدود داخل المجتمع وخدمات الرعاية الصحية ما يزال يمثل عائقًا رئيسيًا أمام قبول الأشخاص ذوي الصفات الجينية المختلطة. ويضيف فرانكلين روبرت كيباينجي، من هذه المنظمة: “تظل الصعوبة الكبرى في تقديم خدمات صحية ملائمة تتعلق بالجنس والتناسل، وعدم وجود دعم أو تدريب للممارسين الطبيين حول التعامل مع هذه الحالات.”

في السنوات الأخيرة، بدأت الحكومة الكينية في إدخال تغييرات لتحسين الوضع القانوني للأشخاص بينيي الجنس. في عام 2022، اعترفت كينيا لأول مرة بالأشخاص بينيي الجنس كجنس ثالث في قانون الأطفال، مما جعل كينيا أول دولة أفريقية تعترف بالانترسكس.

هذه الخطوة تمثل بداية لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث تتضمن التشريعات الجديدة توفير خدمات طبية متخصصة وتدريب الأطباء على كيفية التعامل مع هذه الحالات.

ولكن رغم هذه التغييرات القانونية، لا تزال التحديات قائمة. يعاني بينيي الجنس بسبب النقص في الوعي الطبي والتدريب الكافي للعاملين في مجال الرعاية الصحية. لا يزال البعض يوصي بإجراء عمليات جراحية غير ضرورية دون استشارة المرضى أو أخذ رأيهم في الاعتبار.

في آخر إحصاء وطني أجراه “مكتب الإحصاء الوطني الكيني” في 2019، سجل 1,524 شخصًا بيني الجنس في البلاد. ومع ذلك، تشير المنظمات الحقوقية مثل شبكة حقوق الأطفال الدولية إلى أن العدد الفعلي للأشخاص قد يتجاوز 20,000 شخص في كينيا. تعاني الحكومة الكينية من نقص البيانات الدقيقة حول هذه الفئة، وهو ما يجعل من الصعب تطبيق سياسات فعالة لدعمهم.

لا تقتصر التحديات التي يواجهها الأشخاص بينيي الجنس على القضايا الاجتماعية فقط، بل تمتد إلى الصعوبات الصحية. كثير منهم يواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الصحية الملائمة، مثل العلاج الهرموني أو الاستشارات النفسية. ورغم وجود بعض السياسات الصحية التي تعترف بحقوقهم، لا تزال العوائق تتعلق بنقص الفهم الطبي والتخوف من التمييز في النظام الصحي.

يواجه الأشخاص بينيي الجنس في كينيا، مثل جون، تحديات كبيرة تتراوح بين الرفض الاجتماعي، وقلة الوعي الصحي، وصعوبة الحصول على الخدمات الصحية المناسبة. وبينما قد تكون هناك بعض الإصلاحات القانونية التي تضمن حقوقهم، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً نحو بناء مجتمع أكثر قبولًا وشمولية للأفراد بينيي الجنس والإنترسكس.