مثليين وتواضروس

بابا الكنيسة الأرثوذكسية يشبه المثليين بالإرهابيين والمخدرات

قال البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر أن المثلية الجنسية نتيجة “التفكك الأسري” في تأكيد على طرح قدمته مذيعة برنامج “كنيستى في المهجر” المذاع على قناة لوجوس التابعة للكنيسة.

كما أضاف البابا أن “الإرهاب في العالم مصدره الأسرة المفككة”، في ربط بين الميول الجنسية المثلية الطبيعية وبين الإرهاب، في كون “مصدرها” الأسرة المفككة، واصفًا المثلية الجنسية بأنها “مر” يراه المثليين على أنه “حلو” لأنهم “نفس جائعة”، وأن مثلهم مثل “اللي بياخدوا Drugs (مخدرات)” ومصابين بـ “الإدمان”، حسب وصفه. 

وأردف البابا في رده على المذيعة، في كيفية الوقاية من المثلية الجنسية والإلحاد، بأن “الافتقاد” أو “حب المسيح المباشر” هو ما يساعد على الوقاية.

وأشار البابا إلى أن الكنائس الأرثوذكسية اجتمعت من أجل “مواجهة” المثلية الجنسية والعلاقات المثلية تحت شعار “محبة المسيح تحصرنا”، وجاء الرفض في بيان موحد.

وأوضح البابا أنه خلال زيارة له إلى أستراليا، عندما وصل استقبله الصحفيين وسألوه عن حقوق المثليين، فرد مستشهدًا بكلمة سمعها عن البابا شنودة يقول فيها “إن كانت المثلية مرض فهي تحتاج إلى علاج، وإن كانت خطية فهي تحتاج إلى توبة”.

وردًا على ذلك، سألت المذيعة إذا ما كان المثليين والملحدين دليل على قرب المجيء الثاني.

ليست هذه أول مرة يشجع فيها البابا تواضروس الثانى على كراهية المثليين أو يردد معلومات مضللة حولهم، حيث سبق وأن ردد هذه العبارة، كما قال في مناسبات مختلفة كلمات تحرض على الكراهية ضد المثليين في مصر وخارجها.

ومن أبرز تصريحات الكراهية والتضليل، لومه للمثليين على جائحة فيروس كورونا وأنهم من تسببوا فيها، كما صرح أن زواج المثليين “مدخل إلى الإلحاد”.

كان البابا تواضروس قد أعلن في أوقات سابقة عن تدريس مناهج تحرض على المعلومات المغلوطة والرفض والكراهية والعنف تجاه المثليين في المدارس التابعة للكنيسة بجانب العظات والمناسبات الدينية المختلفة، مصورًا المثليين وحقوقهم على أنها مؤامرة أو مشكلة تواجه الكنيسة مثلما يُصور حرية الاعتقاد الديني بعدم الإيمان بدين معين مثل الإلحاد واللادينية.

كما أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر عامي 2020 و2021 الانتهاء من تدريب 60 فردًا على تقديم ممارسات خرافة «علاج» المثلية الإجرامية والمضرة، والتي تهدف إلى تغيير الميول الجنسية للمثليين وجعلهم مغايرين جنسيًا.

بجانب تدريب 48 كاهنًا و9 من الآباء والخدام والآباء والأمهات على تقديم نفس الممارسات الإجرامية المضرة، بغرض ممارستها على القُصر والبالغين.

كوارث يعززها خطاب الكنيسة الأرثوذكسية تجاه المثليين

يتسبب خطاب الكنيسة الأرثوذكسية في تعزيز معلومات مغلوطة ومضللة حول المثليين، مما ينتج عنها انتشار وترسخ ثقافات وممارسات الرفض والتمييز والكراهية والعنف تجاه مجتمعات المثليين ومجتمعات الميم.

حيث تحاول الكنيسة في مناسبات متكررة خلط وجهة نظرها الدينية تجاه المثليين بالعلم والطب كي تشرعن من منظورها.

مما يتسبب في لجوء العديد من المثليين إما بسبب الضغط المجتمعي أو الإجبار المباشر إلى خرافة ما يسمى بـ “علاج” المثلية، والتي ينتج عنها مشاكل نفسية مضرة مثل الاكتئاب الحاد والأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار الفعلية بجانب استنزاف الموارد المالية والوقت والمجهود.

المثليين ليسوا مرضى والمثلية الجنسية ليست مرض

لا يوجد مرجع طبي حديث يماشي العلوم المعاصرة والدقيقة يقول أن المثلية الجنسية مرض وأن المثليين مرضى ويمكن “علاجهم” أو تغيير ميولهم الجنسية.

حيث حُذفت المثلية الجنسية من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) في نسخته الثانية عام 1973.

كما حُذفت المثلية الجنسية من التصنيف الدولي للأمراض (ICD) بنسخته العاشرة والذي أقرته الجمعية العالمية للصحة في اجتماعها رقم 43 في 17 مايو 1990.

وجاء ذلك بعد أن فشلت الأبحاث والدراسات بشكل متكرر في تقديم أي أساس تجريبي أو علمي يدعم أن المثلية الجنسية “مرض”.

مما يؤكد أن المثلية الجنسية توجه جنسي طبيعي وعادي، وأنها جزء من التنوع البشري، مثل التنوع عند الحيوانات والطيور والحشرات المثليين أو الذين يمارسون العلاقات الجنسية المثلية، وبالتالي المثلية جزء من التنوع عند الكائنات الحية المختلفة.

ويثبت أن إضافة المثلية الجنسية في النسخ القديمة من المراجع الطبية كان خطأً كبيرًا وسببها المرجعية الدينية المسيحية والمجتمعية التقليدية التي سيطرت على الأطباء وعلماء النفس الأوائل الذين أسسوا الطب النفسي الحديث نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن العشرين.

وقالت المنظمات والمؤسسات العلمية الكبرى وعلى رأسمها منظمة الصحة العالمية أن محاولة تغيير الميول الجنسية المثلية مضرة وتؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي وأن من يدعي أنه يمكن علاج المثلية فهو كاذب ويروح لعلوم كاذبة.

للمزيد حول خرافة أن المثلية مرض.

المثليين لم يخرجوا من بيوت مفككة بالضرورة والمثلية الجنسية ليست مشكلة أو ناتجة عن التفكك الأسري

لا يوجد دليل علمي على أن أساليب التربية، أو بنية الأسرة، أو سلوك الوالدين تُحدد ما إذا كان الطفل سيكون مثليًا أو مثلية أو مزدوج الميول الجنسية أو مغاير أو لاجنسي أو غيرها من الميول الجنسية وطيفها الواسع والمتنوع.

ينتمي المثليين إلى عائلات متنوعة شأنهم شأن أي إنسان في العالم بغض النظر عن ميوله الجنسية، حيث قد تكون عائلاتهم صارمة، أو متساهلة، أو داعمة، أو مُهملة، أو مكونة من أب واحد أو أم واحدة نظرًا للانفصال أو السفر أو الوفاة لأحدها، أو عائلة من أب وأم موجودين وحاضرين، أو عائلة متدينة، أو عائلة غير متدينة، وكل ما بينهما أو غير ذلك.

لو كانت التربية هي السبب، كان سيوجد نمط ثابت لشكل العائلة التي يكون أحد الأبناء أو أكثر من ابن فيها مثليين أو مزدوجي التوجه الجنسي أو لاجنسيين أو غيرها ولكن لا يوجد نمط واحد ثابت ومحدد.

مما يعني أن طبيعة العائلة وشخصيات أفرادها وطريقة التربية لا تلعب أي دور في كون الشخص مثلي أو مغاير أو مزدوج الميول الجنسية أو لاجنسي أو غيرها.

للمزيد حول خرافة أن التفكك الأسري سبب المثلية.

المثليين ليسوا إرهابيين والمثلية الجنسية ليست مثل المخدرات

تشبيه المثليين بالإرهابيين والمثلية الجنسية بالمخدرات وإدمانها، ليس تصريحًا مسيئًا لعشرات آلاف المثليين فحسب، بل هي تشبيهات خاطئةٌ ومضللة وخطيرةٌ من حيث الجوهر.

لا يوجد أساسٌ علميٌّ أو أو منطقي أو نفسيٌّ أو أخلاقيٌّ لمثل هذه التشبيهات والمقارنات ووضع المثليين والميول الجنسية المثلية  الطبيعية في نفس العبارة مع الإرهاب والمخدرات.

مما يؤكد عدم الفهم والمغالطات الرهيبة المنتشرة عند القادة الدينيين والإصرار الغريب على هذه المغالطات ورفض أي محاولة حقيقية لفهم ملايين الناس حول العالم من مجتمعات المثليين ومجتمعات الميم.

المثلية الجنسية تنوّعٌ طبيعيٌّ في التوجه الجنسي البشري، تُقرّ به جميع المنظمات الطبية والنفسية الرئيسية – بما في ذلك منظمة الصحة العالمية والجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، أكبر جهة طبية نفسية متخصصة في العالم – على أنها ليست اضطرابًا ولا تهدد النفس أو المجتمع.

على عكس الإرهاب أو تعاطي المخدرات، اللذين ينطويان على إيذاء الآخرين أو الذات، فإن كون المرء من المثليين أو مجتمعات الميم لا يُسبب ضررًا – بل يتعلق ببساطة بمن يُحبّ الشخص أو كيف يُعرّف نفسه، كون المثليين ينخرطون في علاقات رضائية مع أشخاص بالغين.

تُغذّي تصريحاتٌ مثل تصريحات البابا تواضروس ثقافات وممارسات الرفض والتمييز والوصم والكراهية والعنف ضد مجتمع المثليين ومجتمعات الميم، والذين يُواجهون الكثير من هذه الثقافات والممارسات بالفعل من تجريم وملاحقة أمنية وتهميش وتحديات تؤثر على الصحة النفسية والصحة الجسدية نتيجةً الكراهية والعنف المجتمعي.

يمتلك القادة الدينيون القدرة على تعزيز التعاطف والتفاهم والتعايش السلمي الحقيقي والتسامح والتواصل ومن الضروري عمل ذلك، مثلما يتجه قادة دينيون في العالم من توجيه تأثيرهم الواسع نحو دفع السلام والمحبة والتسامح بدلاً من تشجيع الكراهية والعنف ونشر الضلالات والمعلومات الخاطئة التي تتسبب في معاناة وتعذيب وموت المثليين وأفراد مجتمعات الميم.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.