أطياف
حقوق المثليين والدوري الفرنسي

حقوق المثليين والدوري الفرنسي… استمرار الجدل مع حملة مناهضة رهاب المثلية

شهدت الجولة الختامية من الدوري الفرنسي لكرة القدم (ليغ 1) لهذا الموسم حالة من الجدل والانقسام، بعد امتناع عدد من اللاعبين عن المشاركة في حملة سنوية تهدف إلى مناهضة رهاب المثلية في الملاعب، وهو ما اعتبره مراقبون صفعةً للجهود الرامية إلى تعزيز قيم الشمول والمساواة في الرياضة.

وكانت رابطة الدوري الفرنسي قد أطلقت مبادرة تضمنت ارتداء اللاعبين قمصانًا أو شارات بألوان قوس قزح، إلى جانب بث رسائل توعوية في الملاعب، ضمن أسبوع مخصص لرفع الوعي ضد رهاب المثلية وكراهية المثليين. لكن المشاركة لم تكن موحدة، إذ امتنع بعض اللاعبين عن الالتزام بشعارات الحملة لأسباب وصفوها بالشخصية أو الدينية.

إيقافات وغرامات بعد تغطية رموز الحملة التي تحمل ألوان قوس قزح

أعلنت رابطة الدوري، بحسب ما نقلته شبكة BBC، عن معاقبة لاعب خط وسط أولمبيك ليون نيمانيا ماتيتش، والمهاجم المصري أحمد حسن “كوكا” لاعب لوهافر، بالإيقاف مباراتين رسميتين، إلى جانب مباراتين إضافيتين مع وقف التنفيذ، وذلك بعد أن قاما بتغطية شعار الحملة على قمصانهم أثناء المباريات.

وأوضحت الرابطة في بيان أن ماتيتش وافق على المشاركة، خلال الأشهر الستة القادمة، في حملة توعوية لمكافحة رهاب المثلية في كرة القدم.

كوكا (32 عامًا) كان قد شارك في فوز فريقه لوهافر بنتيجة 3-2 على ستراسبورغ، بينما قام ماتيتش (36 عامًا) بتغطية الشعار بشريط لاصق حين نزل بديلاً في فوز ليون على أنجيه.

مصطفى محمد يغيب مجددًا عن الحملة ودعم حقوق المثليين والدوري الفرنسي

من جهته، أعلن المهاجم المصري مصطفى محمد، لاعب نانت، رفضه خوض مباراة فريقه ضد مونبلييه، بسبب رفضه ارتداء شارة الحملة. وقال في منشور عبر حسابه على فيسبوك: “لن أشارك في مباراة نانت ومونبلييه… هذا القرار شخصي، ولا يعبر عن رفض أو حكم، بل هو ببساطة وفاء لما يبنيني من قيم مرتبطة بأصولي وإيماني.”

وأضاف: “العيش معًا يعني أيضًا الاعتراف بأن التنوع يمكن التعبير عنه بطرق مختلفة. أؤمن بالاحترام المتبادل، ذلك الذي ندين به للآخرين، ولكن أيضًا لأنفسنا.”

المهاجم المصري مصطفى محمد

هذه هي المرة الثالثة على التوالي التي يرفض فيها مصطفى محمد (27 عامًا) المشاركة في هذه الحملة، إذ سبق أن غاب عنها في الموسمين الماضيين أيضًا. ووفقًا لما أوردته راديو مونت كارلو، فقد فرض نادي نانت غرامة مالية على اللاعب بسبب تغيّبه عن المباراة، رغم أن الفريق كان يواجه مباراة مصيرية في صراعه لتفادي الهبوط.

حادثة كراهية لفظية للمثليين تزيد من التوتر

في سياق متصل، أثارت تصريحات عدائية في أحد أنفاق الملاعب ضجة أخرى، بعدما التُقط صوت المدافع جوناثان غراديت لاعب لانس، وهو يوجه شتيمة تحمل رهاب المثلية وكراهية للمثليين خلال استراحة مباراة فريقه ضد موناكو.

ما دفع وزيرة الرياضة الفرنسية الجديدة، ماري بارساك، إلى إصدار بيان حازم، أكدت فيه ضرورة “وضع هذا الملف على جدول أعمال الأندية والجماهير”، مؤكدة أن “المجتمع قد تطوّر، ويجب أن تتغير لغة كرة القدم تبعًا لذلك”.

وأضافت: “الإهانات والسلوكيات التي تحمل رهاب المثلية وكراهية المثليين… وهناك مجموعة من العقوبات المتاحة، ويجب تطبيقها.”

كامارا يكرر الرفض ويدفع الحكومة إلى التدخل

تصاعدت حدة الجدل بعد تصرف مماثل من لاعب وسط موناكو، المالي محمد كامارا، الذي قام خلال مباراة فريقه الأخيرة هذا الموسم ضد نانت بتغطية شعار الحملة الذي يتضمن كلمة “رهاب المثلية” مشطوبًا عليها.

كما رفض اللاعب المشاركة في الصورة الجماعية قبل انطلاق المباراة، والتي كانت تقام خلف لافتة تظهر نفس الرسالة.

هذه التصرفات دفعت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا-كاستيرا إلى وصف الأمر بـ”غير المقبول”، مطالبة بعقوبات حازمة بحق كامارا وناديه موناكو.

وفي السياق نفسه، أضافت وزيرة المساواة أوروبي بيرجي عبر منصة اكس: “رهاب المثلية ليس رأيًا، بل جريمة. ورهاب المثلية وكراهية المثليين تقتل. يجب فرض عقوبات صارمة على محمد كامارا.”

وفي حين صرّح مدرب موناكو أدي هوتر بأن ما قام به كامارا “خيار شخصي”، أوضح النادي أنه سيتناول الموضوع داخليًا. 

والجدير بالذكر أن كامارا سبق وأن رفض المشاركة في الحملة في الموسم الماضي أيضًا، وتعرض حينها للإيقاف أربع مباريات.

سوابق مشابهة ودعم رسمي لبعض اللاعبين

واقعة كامارا ليست الأولى من نوعها، ففي عام 2022 رفض لاعب باريس سان جيرمان آنذاك، السنغالي إدريسا غي، المشاركة في مباراة تضمنت ارتداء قميص يحمل أرقامًا بألوان قوس قزح. وتلقى إدريسا غي حينها دعمًا علنيًا من الرئيس السنغالي ماكي سال، الذي صرّح قائلاً: “يجب احترام قناعاته الدينية.”

أما مصطفى محمد، الذي غاب هذا الموسم أيضًا، فقد فُرضت عليه غرامة من نادي نانت في الموسم الماضي لنفس السبب.

انقسام بين القيم الرياضية والمعتقدات الشخصية

رغم مساعي الرابطة لتعزيز قيم التنوع، تبرز في كل موسم حالات من التباين بين اللاعبين، بعضهم يصرّ على رفض المشاركة لأسباب دينية أو ثقافية، في حين يدافع آخرون عن شمولية المبادرة.

اللاعب الفرنسي أنطوان غريزمان سبق أن أعلن دعمه لأي لاعب مثلي يرغب في الإفصاح عن هويته، قائلاً: “قد لا يحصل على دعم جميع لاعبي فرنسا، لكنه سيحظى بدعمي.”

في المقابل، عبّر المدافع جوناثان كلوس عن دعمه للحملة وتشاؤمه الجدالات قائلاً: “هذه المعركة لن تنتهي أبدًا، ولن يكون هناك إجماع وتوافق على الحملة، ومجرد وجود جدال حولها يعني أن هناك مشكلة في حد ذاتها.”

حملة سنوية لحقوق المثليين والدوري الفرنسي وخلاف يتجدد كل عام

بينما تواصل الرابطة الفرنسية تنظيم حملتها السنوية، في نسختها الخامسة هذا العام، بهدف نشر ثقافة الاحترام ومكافحة الكراهية في الملاعب، تتكرر الحوادث التي تكشف هشاشة الإجماع داخل أوساط اللعبة حول دعم حقوق الإنسان والحريات الفردية للفئات المجتمعية التي تواجه الكراهية والعنف والرفض والتمييز.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.