لقاء بين السياسة والفن في دعم حقوق مجتمع الميم
في مشهد لافت يجمع بين السياسة والفن، شارك نجم برنامج “Queer Eye” الشهير أنتوني بوروفسكي رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مسيرة الفخر بمدينة مونتريال الكندية.
الحدث الذي جرى في أغسطس 2018 لم يكن فقط احتفالاً بالتنوع والحب، بل أيضاً إعلاناً عن التضامن العلني مع مجتمع الميم (LGBTQ+) في كندا.
هذا الظهور المشترك بين نجم تلفزيوني مؤثر وزعيم سياسي بارز يسلّط الضوء على المكانة التي باتت تحتلها قضايا المساواة والهوية الجندرية في النقاش العام الكندي.

أنتوني بوروفسكي: فخور بكونه كندياً
عبر حسابه الرسمي على انستجرام، نشر بوروفسكي صورة له إلى جانب رئيس الوزراء جاستن ترودو أثناء المسيرة، معلقاً:
“فخور لأنني كندي وممتن لقدرتي على السير بفخر بكل حرية وأمان.”
ويُعتبر بوروفسكي، الذي اشتهر بكونه أحد أعضاء فريق Fab 5 في برنامج “Queer Eye”، أحد أبرز الأصوات المؤثرة في دعم حقوق مجتمع الميم. مشاركته في مسيرة الفخر لم تكن مجرد حضور رمزي، بل جاءت تتويجاً لسلسلة من المبادرات والمواقف التي عبّر فيها عن التزامه بالقضايا الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
جاستن ترودو: سياسة منفتحة تعزز التعددية
من جهته، لا يُخفى على أحد أن جاستن ترودو يُعد من أكثر القادة السياسيين انفتاحاً في العالم تجاه قضايا مجتمع الميم. فمنذ توليه منصب رئاسة الوزراء، دأب على المشاركة في مسيرات الفخر في عدة مدن كندية، مشدداً على أن كندا بلد يقوم على المساواة، التنوع، والاحترام.
وقد صرّح ترودو سابقاً قائلاً:
“نحن لا نحتفل فقط بالتنوع، بل نعتبره أحد مصادر قوتنا ككنديين.”
وبالفعل، أصبحت كندا في السنوات الأخيرة نموذجاً يحتذى به في سياسات حماية حقوق الأقليات الجنسية، بدءاً من تشريع الزواج المثلي منذ عام 2005، وصولاً إلى إصلاحات قانونية تحمي أفراد المجتمع الترانس وتعزز من اندماجهم الاجتماعي.
دعم ثقافي وخيري: أكثر من مجرد مسيرة
لم تقتصر مشاركة ترودو وبوروفسكي في المسيرة على السير فقط، بل حضرا سوياً حفلاً خيرياً لجمع التبرعات، تعود إيراداته لدعم مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل من أجل حقوق المثليين والترانس ومجتمع الميم في كندا.

هذا الحفل يندرج ضمن سلسلة من الفعاليات المصاحبة لمهرجان الفخر في مونتريال، والذي يُعد من أكبر الفعاليات السنوية في المدينة، ويستقطب آلاف المشاركين من داخل كندا وخارجها.

السياق العالمي: حين تكون السياسة شريكاً في التغيير
في وقت تتصاعد فيه الخطابات المعادية للمثلية في عدد من الدول، يُعتبر الموقف الكندي بمثابة بارقة أمل لمجتمعات تعاني من القمع والتمييز.
كما أن ظهور شخصيات عامة من خلفيات متنوعة – مثل نجم تلفزيوني ورئيس وزراء – في حدث مشترك، يحمل رسالة قوية مفادها أن دعم حقوق الإنسان لا ينبغي أن يكون محصوراً ضمن حدود المجتمع المدني، بل يجب أن يكون أولوية سياسية.
كندا وحقوق المثليين: تجربة جديرة بالتأمل
تحتل كندا مرتبة متقدمة ضمن الدول الأكثر احتراماً لحقوق المثليين والترانس. ووفقًا لتقرير منظمة “ILGA World” لعام 2018، تُعد كندا من الدول القليلة التي تمتلك إطاراً قانونياً شاملاً يحمي أفراد مجتمع الميم من التمييز في العمل، السكن، والرعاية الصحية.
وبينما لا تزال كثير من دول العالم تجرّم العلاقات المثلية أو تسكت عن العنف ضد الترانس، تواصل كندا تقديم نموذج لمجتمع يسعى إلى الشمولية والمساواة في كافة مناحي الحياة.
بين الفخر والمواطنة
إن مشاركة أنتوني بوروفسكي في مسيرة الفخر إلى جانب جاستن ترودو ليست مجرد لحظة احتفالية، بل تعكس تحولاً ثقافياً عميقاً في النظرة إلى الهويات الجندرية والميول الجنسية.
ففي كندا، باتت قضايا مجتمع الميم جزءاً لا يتجزأ من النقاش العام، وتجد لها مكاناً بين أولويات صناع القرار.
في زمن لا يزال فيه البعض يناضل من أجل أبسط حقوقه، تظل صور الفخر، التضامن، والاحتفاء بالاختلاف – كما رأيناها في شوارع مونتريال – مصدر إلهام للكثيرين حول العالم.