أعلنت الحكومة المصرية نيتها استغلال فيلم “جريمة على ضفاف النيل”، وهو عمل سينمائي عالمي مقتبس من رواية أجاثا كريستي الشهيرة، للترويج السياحي في محافظتي الأقصر وأسوان. يأتي ذلك بعد مشاركة النجم الأمريكي “أرمي هامر”، المعروف بأدائه دورًا مثليًا في فيلم “Call Me by Your Name”، في بطولة الفيلم الجديد، الذي صُوّر جزئيًا في مصر.
لكن بينما تسعى الجهات السياحية الرسمية لتوظيف الفيلم دعائيًا، فإنها، كما الإعلام المصري، تتجاهل عمدًا أن شهرة أرمي هامر ارتبطت بدوره الكويري الجريء الذي جعله نجمًا عالميًا. هذا التجاهل لا يُعد فقط تغييبًا للحقائق، بل يعكس ازدواجية خطيرة في التعامل مع قضايا التمثيل الكويري، خاصة في ظل استمرار القمع القانوني والاجتماعي لأفراد مجتمع الميم/عين داخل البلاد.
الفيلم والفرصة السياحية
فيلم “جريمة على ضفاف النيل” (Death on the Nile) من إخراج كينيث براناه، ويضم طاقمًا من نجوم عالميين من ضمنهم أرمي هامر وغال غادوت. وقد تم تصوير أجزاء من الفيلم في مدينة الأقصر، ويُتوقع عرضه في دور السينما في أكتوبر 2020.
صرح رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية في الصعيد أن “وجود فيلم عالمي بهذا الحجم يُعد فرصة ذهبية للترويج للمقاصد السياحية المصرية”، مؤكّدًا أن هناك استعدادات خاصة للترويج للمواقع التي ظهرت في الفيلم، مثل معابد الكرنك والنيل.
تغييب متعمّد للهوية الكويرية
ورغم هذا الحماس الرسمي، فإن الحكومة والإعلام لم يتطرقا إطلاقًا إلى الدور الذي جعل من أرمي هامر نجمًا عالميًا: دور “أوليفر” في فيلم “Call Me by Your Name”، الذي يجسد قصة حب بين شابين. هذا الفيلم، الذي ترشح لعدة جوائز أوسكار، كان نقطة تحوّل في مسيرة هامر، وأكسبه احترامًا واسعًا من الجمهور والنقاد على حد سواء.
تكررت الظاهرة ذاتها في 2019 مع الممثل الأمريكي المصري الأصل “رامي مالك”، الذي حصل على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن أدائه دور المغني الكوير “فريدي ميركوري” في فيلم “Bohemian Rhapsody”. حينها تجاهل الإعلام المصري تمامًا أن الدور الذي نال عنه مالك الجائزة كان لمغنٍ مثلي، واكتفى بالاحتفاء بـ”الإنجاز المصري” دون الاعتراف بسياقه الفني أو الحقوقي.
واقع الكويريين في مصر: قمع وتجاهل
في مقابل هذا الاحتفاء النجمي الانتقائي، يُواجه مجتمع الميم/عين في مصر:
- قمعًا قانونيًا يتمثل في ملاحقات أمنية واعتقالات بسبب الميول الجنسية أو التعبير الجندري.
- تحريضًا إعلاميًا ضد المثليين والترانس، غالبًا ما يُروّج له عبر قنوات رسمية أو شبه رسمية.
- تجريمًا اجتماعيًا وأخلاقيًا يكرّس العنف والوصم.
وتُظهر هذه المفارقة الصارخة أن النظام السياسي والثقافي في مصر يتعامل مع التمثيل الكويري باعتباره مقبولًا فقط إذا كان خارجيًا، أجنبيًا، ومُفرغًا من أي سياق حقوقي أو إنساني.
تمثيل انتقائي لا يعكس التغيير
بينما تُروّج الحكومة المصرية لفيلم عالمي من بطولة ممثل مثلي، يواصل الواقع المحلي إنكار أي شرعية لوجود الكويريين داخل المجتمع. هذا النوع من الاحتفاء الانتقائي لا يعكس انفتاحًا حقيقيًا، بل يُستخدم فقط كأداة دعائية، دون أي نية لإحداث تغيير في سياسات القمع والتمييز.