في مقال نُشر بتاريخ 14 سبتمبر 2020 على موقع «البوابة نيوز»، أثار السيناريست المصري الشهير أيمن سلامة موجة من الاستنكار بعد مطالبته الحكومة المصرية باتخاذ “إجراءات حاسمة” ضد ما وصفه بـ”ظاهرة الشباب الذين يخالفون القيم الأخلاقية والدينية”، في إشارة واضحة إلى أفراد المجتمع الكويري (LGBTQ+). تأتي هذه الدعوة ضمن سلسلة من التصريحات والتحركات التي تزايدت في السنوات الأخيرة، وتستهدف بشكل مباشر المثليين والمتحولين جنسيًا، وتوظف القيم الدينية والثقافية كذريعة للتمييز.
خطاب يدعو إلى التنكيل: الفن في خدمة الكراهية؟
في مقاله، هاجم أيمن سلامة فئة من الشباب المصريين الذين “يتحدثون باللغة الإنجليزية أكثر من العربية، ويتابعون نتفليكس أكثر من السينما المحلية، ويتباهون بعلم قوس قزح”، معتبرًا أن هذه التصرفات تمثل خطرًا على “هوية المجتمع”.
ووصف هؤلاء الشباب بأنهم “مصابون بالغرور والكبرياء”، وأنهم يتجاوزون ما أسماه “ثوابت الدين وأخلاق الأجداد”، متجاهلًا تمامًا المبادئ الدستورية التي تضمن الحق في التعبير والحياة الخاصة.
الأخطر من ذلك، أن سلامة دعا الحكومة لتكرار ممارسات بوليسية تعود لعهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، حين تم القبض على شبان شاركوا في مسابقة لاختيار “ملك جمال مصر”، وحلق رؤوسهم وإلحاقهم بالجيش الإجباري. اعتبر سلامة أن هذا النموذج يجب أن يُحتذى به اليوم لـ”ردع” من وصفهم بـ”المستفزين”.
خلفيات فنية مثيرة للجدل
يُعد أيمن سلامة من الأسماء البارزة في الساحة الدرامية المصرية، حيث كتب عددًا من المسلسلات الشهيرة مثل:
- مع سبق الإصرار
- حكاية حياة
- ولد الغلابة
- لما كنا صغيرين
- بنات ثانوي
لكن، في مقابل رصيده الفني، لطالما أثار الجدل بسبب مواقفه المتشددة، التي لا تنفصل عن خطاب سلطوي يتقاطع مع سياسات الدولة الأمنية والثقافية التي تضيّق الخناق على التعبير عن الهوية الجنسية والجندرية في مصر.
ردود أفعال على خطاب الكراهية
لاقى المقال انتقادات حادة من نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني، الذين اعتبروه تحريضًا مباشرًا على العنف ضد المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين والمتحولات جنسيًا.
وتساءل كثيرون عن مدى مسؤولية الصحافة الفنية في ترويج هذا النوع من الخطاب، خاصة حين يصدر عن شخصيات ذات نفوذ ثقافي وشعبي.
يقول أحد النشطاء الحقوقيين، فضل عدم ذكر اسمه:
“حين يطالب فنان بإهانة المواطنين بناءً على هويتهم، فنحن لا نتحدث عن رأي، بل عن تحريض موثق. هذا لا يُصنف كحرية تعبير، بل كدعوة ممنهجة للعنف والتمييز”.
المثليون في مصر: واقع محفوف بالمخاطر
لا يتمتع أفراد المجتمع الكويري في مصر بأي حماية قانونية من التمييز أو العنف، بل كثيرًا ما يُلاحقون بتهم “الفجور” أو “التحريض على الفسق”، وتُستخدم المواد القانونية الفضفاضة كسلاح لقمعهم. وقد وثقت منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” حالات اعتقال تعسفي، وفحوص شرجية قسرية، وانتهاكات جسيمة أخرى بحقهم.
خطاب “الثوابت” كستار للتخويف
تلجأ شخصيات مثل أيمن سلامة إلى خطاب “حماية القيم” و”الثوابت الأخلاقية” كستار لإضفاء الشرعية على مواقف تمييزية وغير إنسانية. هذا الخطاب يعيد إنتاج نمط ثقافي يُقصي المختلف، ويبرر الانتهاك باسم الدين أو الوطن أو الهوية.
دعوة إلى مساءلة الأصوات المحرضة
يؤكد نشطاء على أن المقال يمثّل تجاوزًا أخلاقيًا وقانونيًا، ويجب مساءلة كاتبه كما تتم محاسبة أي شخص يحرض على العنف أو الكراهية، خصوصًا حين يكون لهذا الصوت تأثير جماهيري واسع.
من “حكاية حياة” إلى “تصفية حياة”؟
ما كتبه أيمن سلامة لا يمثل فقط رأيًا فرديًا، بل يعكس مناخًا ثقافيًا وقانونيًا يزداد عدائية تجاه الأقليات الجنسية في مصر. وفي ظل غياب قوانين تحمي حقوق المثليين والمتحولين جنسيًا، تصبح هذه التصريحات وقودًا لانتهاكات ميدانية لا تظهر على الشاشات.
الوقت حان لمحاسبة من يستخدمون نفوذهم لزرع الكراهية، بدلًا من الدفاع عن الكرامة الإنسانية.