في حلقة تلفزيونية أثارت الجدل بتاريخ 18 سبتمبر 2020، شنَّ الإعلامي المصري وعضو “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام” نشأت الديهي هجومًا على منصة نتفليكس، متهمًا إياها بالترويج للتوجه الجنسي المثلي لدى الأطفال، وفقًا لتعبيره. لم يكتف الديهي بهذا الاتهام، بل استغل الفرصة لتقديم إشادة واسعة بمنصة “ووتش إت” Watch It، التابعة لشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية”، وهي شركة يُنظر إليها باعتبارها ذراعًا إعلاميًا للنظام المصري الحالي.
نتفليكس في مرمى الاتهامات: من التعددية إلى التهديد؟
أوضح الديهي في تصريحاته أن محتوى نتفليكس يتعارض مع ما وصفه بـ”قيم وأخلاق المجتمع المصري”، مهاجمًا ما أسماه بـ”الترويج للمثلية”، واعتبر أن وجود شخصيات كويرية في الأعمال الفنية هو محاولة لهدم الأسرة وتفكيك المجتمع. كما وصف المثليين بأنهم “أداة من أدوات حروب الجيل الرابع”، معتبراً أنهم أخطر من السلاح في تهديد بنية المجتمع.
الترويج لمنصة “ووتش إت”: الفن في قبضة الدولة
في المقابل، أثنى الديهي على منصة “ووتش إت”، واصفًا إياها بأنها “منصة وطنية تحمي الذوق العام والقيم والأخلاق”. يُذكر أن هذه المنصة أُطلقت من قبل شركة “المتحدة للخدمات الإعلامية”، التي استحوذت على قنوات ومواقع إخبارية وصحفية وإذاعية منذ سنوات، في إطار إعادة تشكيل المشهد الإعلامي تحت إشراف الدولة.
تعرضت المنصة لانتقادات حادة من الجمهور بسبب:
- ضعف المحتوى وتكراره.
- أخطاء تقنية مزمنة.
- غياب التعددية الفنية وتنوع الرؤى.
ويرجع ذلك إلى القيود الرقابية التي يفرضها “جهاز الرقابة على المصنفات الفنية”، ما يجعل المنصة تعكس سياسة إعلامية تقليدية تهدف إلى ترسيخ خطاب موحد يفتقد للحرية والاختلاف.
ازدواجية الخطاب الإعلامي تجاه المثليين
في الوقت الذي يحتفي فيه الإعلام المصري بإنجازات نجوم عالميين مثل رامي مالك الذي فاز بجائزة الأوسكار عن تجسيده لشخصية مثلية في فيلم “Bohemian Rhapsody” عام 2019، يهاجم نفس الإعلام أعمالاً درامية تتضمن شخصيات كويرية عند عرضها على منصات دولية مثل نتفليكس. هذا التناقض يكشف ازدواجية صارخة في المعايير، حيث يُحتفى بالنجاحات العالمية لأسباب قومية، بينما تُجرَّم المواضيع ذاتها إذا ما طُرحت محليًا.
المثلية في مصر: واقع تحت التهديد
لا يعترف القانون المصري بحقوق المثليين أو الترانس، بل غالبًا ما يتم ملاحقتهم قانونيًا عبر تهم مثل “التحريض على الفسق” و”الفجور”، وهي تهم مطاطة تُستخدم لقمع التعددية الجنسية والجندرية. كما يُتهم الإعلام المصري، خاصة المقرب من الدولة، بلعب دور مباشر في التحريض على الكراهية ضد أفراد مجتمع الميم.
دعوة لحرية الإعلام وتعددية المحتوى
في ظل تصاعد الرقابة وتقييد الحريات الفنية والإعلامية، بات من الضروري إعادة النظر في المعايير التي تُقيّم بها الأعمال الفنية في مصر. فالتنوع في المحتوى لا يُعد تهديدًا، بل يعكس نضج المجتمع واستعداده للاعتراف بكافة مكوناته.
وختامًا، فإن الدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان لا يجب أن يكون رهينًا لمزاجات شخصية أو أجندات سياسية، بل مسؤولية جماعية لضمان مستقبل أكثر عدلاً وتسامحًا.