بيلاروسيا

حبيبتان في مواجهة القمع: حضور كويري لافت في احتجاجات بيلاروسيا ضد لوكاشينكو

في مشهد غير مألوف ضمن احتجاجات حاشدة تشهدها العاصمة البيلاروسية مينسك منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، التُقطت صور لحبيبتين تتبادلان القبل وسط حشود المتظاهرين، لتصبحا رمزًا حيًا لحضور لافت ومتصاعد لأفراد المجتمع الكويري في الفضاء العام، رغم المخاطر القانونية والاجتماعية التي يواجهونها في بيلاروسيا.


احتجاجات بيلاروسيا: غضب شعبي يقوده نساء وكويريون

تتواصل الاحتجاجات في بيلاروسيا منذ إعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاشينكو لفترة سادسة في أغسطس 2020، وسط اتهامات واسعة النطاق بتزوير نتائج الانتخابات. وقد خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع رفضًا لاستمرار الحكم الاستبدادي، مطالبين بإعادة فرز الأصوات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

ما ميّز هذه الموجة من الاحتجاجات هو قيادتها من قبل ثلاث نساء بارزات في المعارضة، منهن سفيتلانا تيخانوفسكايا التي اعتُبرت الخصم الرئيسي للوكاشينكو في الانتخابات، قبل أن تغادر البلاد إلى ليتوانيا بعد تعرضها للاعتقال والتهديد.

إلى جانب ذلك، برز حضور المجتمع الكويري (LGBTQ+) بشكل غير مسبوق، وظهر العديد من المشاركين والمشاركات بأعلام قوس قزح وعبارات داعمة لحقوقهم، رغم القوانين الصارمة والمجتمع المحافظ في البلاد.


واقع مجتمع الميم/عين في بيلاروسيا: قانونيًا ومجتمعيًا

رغم أن بيلاروسيا لا تجرّم المثلية الجنسية بشكل مباشر، إلا أن أفراد مجتمع الميم/عين يواجهون تحديات جدية، منها:

  • غياب قوانين الحماية من التمييز على أساس الهوية الجندرية أو التوجه الجنسي.
  • ممارسات الشرطة العدائية، التي تستهدف التجمعات الكويرية وتستخدم تهم “الإخلال بالنظام العام”.
  • رهاب مجتمعي واسع، حيث لا تزال المثلية تُعامل كوصمة اجتماعية، خاصة في المدن الصغيرة والمناطق الريفية.
  • تضييق إعلامي وحظر ضمني للظهور الكويري في وسائل الإعلام المحلية.

الصور التي غيّرت السردية: الحب في وجه الاستبداد

انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور لفتاتين تتبادلان القبل وتتشبثان ببعضهما البعض وسط تظاهرات سياسية حاشدة. وبالنسبة لكثيرين، مثلت تلك الصور لحظة تحدٍ مزدوج: تحدٍ للاستبداد السياسي، وتحدٍ لسلطة المجتمع الذكوري المحافظ، الذي طالما حاصر الأجساد والهويات الخارجة عن “النمط”.

تحوّلت هذه اللقطة إلى أحد أبرز رموز الانتفاضة، ولفتت الأنظار إلى أهمية التضامن مع أفراد مجتمع الميم/عين في نضالاتهم من أجل حرية التعبير والحياة الكريمة.


الكويريون في الصفوف الأمامية للثورة

ما يجري في بيلاروسيا هو تذكير بأن النضال من أجل الديمقراطية لا يمكن فصله عن النضال من أجل حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأقليات الجنسية والجندرية. إن وجود الكويريين والكويريات في الصفوف الأمامية للاحتجاجات هو تعبير عن رفض مزدوج للديكتاتورية السياسية والتمييز المجتمعي.

وتقول تيخانوفسكايا في مقابلة أجريت معها في المنفى: “الثورة البيلاروسية يجب أن تكون للجميع. لا يمكننا الحديث عن العدالة والديمقراطية إن كنا نستثني أفرادًا بسبب ميولهم أو هوياتهم”.


نحو بيلاروسيا أكثر عدالة وشمولًا

تدعو منظمات حقوق الإنسان الدولية، ومنها “هيومن رايتس ووتش” و”أوترايت إنترناشونال”، إلى إدراج قضايا مجتمع الميم/عين ضمن أجندة الإصلاح الديمقراطي في بيلاروسيا، ومراجعة التشريعات والسياسات التمييزية، وضمان حرية التعبير والتجمع لجميع المواطنين.

ويؤكد نشطاء محليون أن المعركة ضد لوكاشينكو هي معركة ضد كل أشكال القمع، وأنهم سيواصلون رفع أصواتهم حتى تُنتزع الحريات لكل الفئات المهمشة.


في لحظة تاريخية تعيد رسم خريطة النضال في أوروبا الشرقية، أثبتت حبيبتان بجرأتهما أن الحب نفسه يمكن أن يكون فعلًا ثوريًا، وأن قوس قزح قادر على اختراق أعتى السحب الرمادية للاستبداد.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.