الصين

الصين: استطلاع يكشف تزايد دعم حقوق مجتمع الميم بين أكثر من نصف المواطنين

في تحول يُعدّ بمثابة بارقة أمل جديدة في مشهد حقوق الإنسان، كشفت دراسة أعيد نشرها مؤخرًا أن أكثر من نصف المواطنين في الصين يدعمون حقوق مجتمع الميم. هذا التحول، الذي يعكس انفتاحًا اجتماعيًا تدريجيًا في بلد يخضع لقيود قانونية وثقافية على التعبير عن التعددية الجندرية والجنسية، يمثل نموذجًا ملهمًا لكيفية تطور الرأي العام نحو قبول أوسع لقيم الحب والتضامن والعدالة.

أكثر من نصف الصينيين يؤيدون حقوق الميم

وفقًا لدراسة أجراها معهد ويليامز في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) ونُشرت في يوليو 2024، عبّر 53٪ من المشاركين عن تأييدهم لقبول الأشخاص من مجتمع الميم في المجتمع الصيني. كما قال 52٪ إنهم يدعمون زواج المثليين، بينما أبدى 46٪ استعدادهم لحضور حفل زفاف بين شريكين من نفس الجنس.

الدراسة أظهرت أيضًا أن 48٪ من المشاركين يعتقدون أن الأزواج المثليين قادرون على تربية الأطفال، بينما أكد 62٪ ضرورة معاملة الأشخاص المثليين بعدالة في أماكن العمل، و68٪ أعربوا عن دعمهم لحماية الطلاب الكويريين من التنمر والعنف في المدارس.

معرفة شخصية تعزز قبول مجتمع الميم في الصين

تشير الدراسة إلى أن معرفة شخص كويري تعزز من احتمالية تقبّل مجتمع الميم. 70٪ من المشاركين يعرفون شخصًا واحدًا على الأقل من مجتمع الميم، و47٪ يعرفون شخصين أو أكثر. هذا يدل على أن الحضور الشخصي والمباشر لأفراد مجتمع الميم في الحياة اليومية يمكن أن يبدل القلوب والعقول نحو مزيد من التفاهم والتقبل.

قال إيلان ماير، كبير الباحثين في معهد ويليامز ومؤلف الدراسة الرئيسي: “تُظهر هذه الدراسة دليلاً على وجود دعم واسع لحقوق أفراد مجتمع الميم بين شريحة مؤثرة من السكان في الصين، ما قد يؤثر إيجابيًا على التصورات العامة في البلاد”.

مواقف إيجابية نحو المساواة والعدالة

من النتائج اللافتة:

  • 50٪ من المشاركين وافقوا على أن على الشركات دعم قبول مجتمع الميم كجزء من القيم الصينية للعدالة والمساواة.
  • 46٪ لا يمانعون أن يكون لهم جار من مجتمع الميم، بينما 39٪ قالوا إنهم على الأرجح لن يمانعوا.
  • 45٪ لا يمانعون مشاهدة محتوى إعلامي متعلق بأفراد مجتمع الميم.

تشير هذه النتائج إلى أن شرائح واسعة من الشعب الصيني ترى في قيم المساواة والكرامة جزءًا أصيلًا من تطور المجتمع، حتى لو لم تنعكس بعد في الإطار القانوني.

السياق القانوني والاجتماعي

رغم أن المثلية الجنسية لم تعد مجرّمة في الصين منذ عام 1997، إلا أن القانون لا يعترف بزواج المثليين أو الشراكات المدنية. ومع ذلك، سُمح منذ عام 2017 للشركاء المثليين بتوقيع “اتفاقيات وصاية” تتيح لهم مشاركة بعض الحقوق مثل الميراث وإدارة الأصول.

لا يزال المواطنون الترانس في الصين يواجهون عراقيل قانونية لتغيير جنسهم الرسمي، حيث يشترط الخضوع لجراحة تغيير الجنس واتباع سلسلة من الإجراءات الصارمة. ورغم ذلك، تسلط هذه الدراسة الضوء على ديناميكية تغيير الوعي العام بعيدًا عن الخطاب الرسمي.

مثال عالمي على تغير المواقف

يعكس هذا التغير في مواقف الجمهور الصيني ظاهرة عالمية ملهمة: كيف يمكن للمعرفة والتفاعل البشري أن يبدلا القناعات الاجتماعية، ويعيدا تعريف مفاهيم القيم، والحب، والعدالة. من خلال إدماج الأصوات الكويرية في النسيج المجتمعي، يمكن للمجتمعات – حتى تلك التي ظلت منغلقة لعقود – أن تجد طريقها نحو الاعتراف بالتنوع واحتضانه.

خطوة أولى على طريق طويل

الدراسة لا تعني أن الطريق أصبح مفروشًا أمام حقوق مجتمع الميم في الصين، لكنها تقدم دليلاً حيًا على أن التغيير ممكن. من خلال دعم الفئات المتضامنة داخل المجتمع وتعزيز المساحات الآمنة، يمكن لهذا التحول في الرأي العام أن يشكّل نقطة انطلاق نحو إصلاحات أعمق وأكثر شمولًا.