أن تكوني مثلية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس مجرد جزء من الهوية… بل هو معركة يومية مع منظومات عميقة، دينية وثقافية واجتماعية، تشكلت عبر السنين، حتى أصبحت تشكّل الألم الداخلي والخارجي الذي تعيشه الكثير من الفتيات والنساء المثليات في مجتمعاتنا اليوم.
الدين: صراع بين الإيمان والهُوية
في منطقتنا، الدين ليس مجرد معتقد شخصي، بل هو جزء أساسي من النسيج الاجتماعي. يُلقَّن كثير من الفتيات منذ الصغر أن المثلية “حرام”، وكون المرأة مثلية يجعلها “آثمة”، و”شاذة عن الفطرة”.
فحين تدرك الفتاة مشاعرها وميولها المثلية، يصبح الألم مضاعفًا:
ألم الاكتشاف الذاتي، وألم الشعور بأنك “مخطئة” في عين الإله الذي تحبينه.
كثير من المثليات يتعرضن لصراعات روحية عميقة:
هل الله يكرهني؟ هل يجب أن أخفي من أنا حتى أظل محبوبة من الله؟ هل ديني يمكن أن يتسع لحبي كما هو؟ البعض يجد طرقًا بديلة للمفاهيم الدينية الراسخة التي تحرض على كراهية المثليين عبر قراءات أكثر رحمة وشمولية، بينما يظل البعض الآخر عالقًا في منطقة رمادية من الذنب والخوف والحزن.
المجتمع وضغوطات الخضوع لشكل واحد للحياة
لا يتعامل المجتمع مع الفرد ككيان مستقل، بل كامتداد للعائلة والقبيلة والدين. فكرة أن تحبّي امرأة، أن تبني حياتكِ خارج معايير الزواج التقليدي، تعتبر تهديدًا للنظام كله، وتُقابل بالرفض والكراهية والعنف.
المثليات غالبًا يُفرض عليهن: الزواج القسري، والعلاج التحويلي (علاج المثلية الكاذب)، والعزلة الاجتماعية، والضغط العاطفي باسم الستر والشرف.
المشاعر الداخلية: مزيج معقّد من الحب والخوف والذنب
تعيش المثليات في الشرق الأوسط صراعًا داخليًا معقدًا بين مشاعر متناقضة.
الحب الذي من المفترض أن يكون مصدرًا للفرح والسكينة يتحول إلى سر ثقيل تحيطه المخاوف.
تنشأ مشاعر الفرح المؤقت عند العثور على قبول أو ارتباط عاطفي، لكنها تختلط بالخوف العميق من الفقد، أو من انكشاف الذات وما قد يتبعه من رفض أو عنف.
يظهر الغضب الداخلي حين تدرك المثليات أن مجرّد مشاعر الحب الطبيعية تعتبر خطيئة أو عيبًا في نظر المجتمع.
يرافق ذلك حنين مستمر إلى حياة حرة، كان يمكن أن تكون ممكنة في بيئة أكثر تقبلًا.
تغلف هذه المشاعر كلها حالة من الحزن على فرص الحب العلني والعلاقات المفتوحة التي تبقى مؤجلة أو مستحيلة.
ومع ذلك، ورغم كل هذا التعقيد، يبقى في القلب إصرار صامت على صون الهوية والحب مهما كانت القيود.
هل هناك مساحة للأمل؟
رغم كل القسوة، هناك مساحات صغيرة لكنها ثمينة من الأمل:
مجتمعات دعم عبر الإنترنت.
أصدقاء وعائلات بديلة أكثر تقبلًا.
فنانات ومبدعات كويريات يرفعن أصواتهن.
تلك المساحات قد تكون صغيرة، وقد تكون خفية، ولكنها حقيقية.
أن تكون المرأة مثلية في الشرق الأوسط وفي مناطق ودول أخرى يعني أن تعيش حالة مستمرة من التوتر بين مشاعر الحب الطبيعي وضغوط الخوف المجتمعي والديني.
إنها تجربة تتطلب شجاعة يومية للبقاء صادقة مع الذات رغم كل محاولات الإخفاء أو الإنكار.