أطياف

رسالة إلى السيّدة نهاد أبو القمصان

لما سمعت إن الحقوقية نهاد أبو القمصان اتكلمت عني وعن الناس اللي زيي (المثليين المصريين) امبارح في برنامج حديث القاهرة اللي بيتذاع على قناة القاهرة والناس. كان عندي فضول رهيب اسمع اللي اتقال. خاصة إن السيدة الحقوقية والبرنامج التلفزيوني والقناة معروفين بمواقفهم اللي بتراعي الناس وحقوقهم زي ما بيقولوا. لكن لما سمعت المقابلة، كنت محبط جدًا. بداية من العنوان اللي الحوار بيتم تحته، «لماذا يريدون نشر المثلية الجنسية؟»، وزي ما بيقولوا في المثل اللي مبحبوش «بداية القصيدة كُفر».

العنوان دليل على كل الكلام اللي اتقال بعد كده، إنهم مش فاهمينا، ودي مش مشكلة، مش كل الناس فاهمين وعارفين كل حاجة، لكن المشكلة إن برنامج تلفزيوني له فريق إعداد وبيشارك فيه أشخاص عندهم خبرة حقوقية وإعلامية واجتماعية، ومع ذلك مأخدوش شوية وقت يبذلوا مجهود في إنهم يحاولوا يعرفونا مننا مش من ناس تانية بيتكلموا عننا وهم قرفانين، بس بيتصرفوا كأنهم يعرفوا المثليين وحياتهم واللي يناسبهم وميناسبهمش أكتر من المثليين نفسهم. العنوان هو نفس الإصرار على إننا ناس من بره، فضائيين، وهوياتنا زيها زي فيروس كورونا، بتتنشر، والناس هيكونوا مثليين لو لمسوا أو شافوا حد مثلي، وإننا مؤامرة وفيه شيطان هو اللي بيحركنا، عشان احنا بناكل الناس، مش ناس عادية عايشة عادي وكله عادي بس هما افتكسوا إنه لأ. مش عادي عشان احنا مش شبههم في توجهاتنا الجنسية. مش يمكن احنا اللي اللي بنحرك نفسنا ومحدش بيحركنا مثلا؟ ولا احنا مش ناس كبيرة وعندها عقل تقدر تعرف حقوقها زي ما حضرتها عارفة حقوقها وبتطالب بيها وهي حقوق مشروعة تمامًا؟ 

علاقات جنسية محرمة… أشياء مخالفة للفطرة… التعدي على الأطفال وزنا المحارم… حتى مع الحيوان كمان

أيوة، السيدة نهاد أبو القمصان قالتها كده «علاقات جنسية محرمة»، وبعدين ردت عليها المذيعة كريمة عوض، إن الحديث عن الحاجات دي واللي هي «أشياء مخالفة للفطرة» بيفتح الباب لمطالبات حقوقية حوالين «الرغبة الجنسية في الأطفال والتعدي على الأطفال» وكمان «زنا المحارم» وهتوصل كمان للعلاقات الجنسية «حتى مع الحيوان»… ما هي زاطت بقى!

وسؤالي للمحامية والحقوقية نهاد أبو القمصان، محرمة من مين؟ وعلى أساس ايه؟ وللمذيعة كريمة عوض، مين الفطرة دي؟ إيه شكلها؟ إيه لونها؟ وملامحها عاملة ازاي؟ هو الإعلام بردو إننا نردد كلام مطاط ومايع مش معروف أوله من آخره؟ ولو أنا كمتفرج قلت إن لون بنطلونك مثلاً بيخالف الفطرة، نجيب الفطرة منين عشان تقولنا دا لون ينفع تشوفه عنينا ولا لأ؟

وسؤال للمذيعة وللحقوقية والمذيع خيري رمضان، هل من العقل أقارن علاقة فيها اتنين بالغين عاقلين عندهم أهلية كاملة وبين علاقة فيها طرف مش بالغ ولا عاقل ولا عنده أهلية كاملة زي الأطفال والحيوان؟ ثم لو على التعدي على الأطفال، فابدأوا بنفسكوا ووقفوا المغايرين اللي زيكوا -افتراضًا- اللي كل يوم بيجوزوا طفلة لرجل بالغ وأحيانًا كبير في السن، وحسب الكلام الرسمي لحكومتنا على لسان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ففيه 117 ألف طفل عمرهم من 10 إلى 17 سنة متجوزين أو اتجوزوا قبل كده. يعني بقرار رسمي، فالمغايرين في مصر هما أكتر ناس بيعتدوا على الأطفال وعندهم رغبة جنسية في الأطفال، وفيه عائلات وناس موافقة وماعندهاش مشكلة مع ده، بس احنا مابنقولش إن الميول الجنسية المغايرة بتخلي صحابها يكون عندهم رغبة جنسية في الأطفال، ولازم يتم تجريمها قانونيًا ومجتمعيًا، ومايتمش الترويج ليها أو إظهارها، وصحابها يفضلوا في بيوتهم ومايعلنوش عنها، عشان أنا عارف وناس كتير زيي عارفة إن فيه فرق بين التوجهات الجنسية (المثلية والمغايرة وازدواجية التوجه الجنسي واللاجنسية) وبين كون الشخص عنده رغبات جنسية تجاه الأطفال ولا لأ.

تروج أو تمارس بلا تمييز

كلام الحقوقية نهاد كان في إطار شرح القانون المصري في تعامله مع المثليين، وقالت فيه إن القانون المصري بيحترم الحرية الشخصية والخصوصية «أنت جوا بيتك اعمل اللي أنت عايزه»، وإن «معندناش قانون بيقبض على حد عنده ميول جنسية مختلفة… حتى الآن ومش هيبقى». إلا في حالة الدعارة أو الترويج: «إنما تخرج بره بيتك وتروج ده، فده هيدخل في إطار الترويج لعلاقات جنسية محرمة، وده بيدخل في إطار بنسميه… الفجور والدعارة».

الكلام ده فيه جزء حقيقي، وهو فعلاً إن القانون مش بيجرم التوجهات الجنسية المختلفة، ولكن بفعل الممارسة، فيه ناس كتير بيتقبض عليهم بس لمجرد إنهم مثليين أو مزدوجين التوجه الجنسي (بينجذبوا للرجالة البالغين) أو ستات ترانس. وفيه قضايا كتير كان الحرز فيها كاندوم أو باروكة أو مكياج أو صور نودز أو محادثات جنسية مع رجالة بالغين. فالسيدة نهاد زي ما هي عارفة كويس أوي القانون بيقول إيه، أكيد عارفة بقى هو على أرض الواقع بيتم استخدامه إزاي، لكن هي ماشية على نهج حكومة مبارك اللي بعد الكوين بوت طلعت تقول للإعلام الدولي إننا ماعندناش قانون بيجرم المثلية على فكرة، ودا كان مباشرة بعد القبض على عشرات المثليين ومحاكمتهم.

أما بالنسبة للترويج، فلو هنعتبر إن وجود المثليين في حد ذاته ترويج للمثلية، نقول إيه عن الغيرية؟ العلاقات المغايرة اتفرض علينا نشوفها في كل حتة حوالينا، في مناهج الحضانة، في الشارع، في التليفزيون، في الكتب وفي كل حاجة حوالينا. ليه بعد كل دا ماطلعناش مغايرين؟ وكمان عايزين تقولوا على وجودنا في حد ذاته ترويج؟ الدنيا بتقوم وبتقعد عشان مشهد بيظهر فيه مثليين لمدة 3 ثواني، قال يعني الـ3 ثواني دول ولا حتى ساعات هيخلوا الناس مثليين. وجودنا وهويتنا مش حاجة بتتروج وتتباع، أو بتتنشر، ودي المعلومة المهمة يعني. والفكرة دي لازم تصلحوها عني وعن الناس اللي زيي (المثليين). احنا ناس مصريين، منزلناش من الفضاء، ولا جينا في طيارة من أوروبا، زينا زيكو، معندكوش حاجة زيادة عننا، ولا احنا عندنا حاجة أقل منكوا. لينا نفس الحقوق اللي عندكوا. نعيش في أمان وحرية، نحب ونتحب، نتجوز اللي بنحبهم، نشوف في التلفزيون والسينما والصحافة حاجات بتعبر عننا ومننا مش من حد غيرنا، عشان احنا لا مؤاخذة مش ناقصين عنكوا حاجة.

في النهاية، حقوقنا هتيجي هتيجي، حتى لو الحقوقيين اللي زيك رافضين يشوفوها كده، عشان احنا كده كده هنفضل موجودين في بلدنا، ومعندناش اختيار تاني غير إننا نفضل نحاول نعيش من غير ما حد يضطهدنا لمجرد إننا موجودين.