في خطوة تاريخية تُعد الأولى من نوعها في رومانيا، أعلنت الناشطة الترانس أنتونيلا ليركا ترشحها لرئاسة أحد أحياء العاصمة بوخارست، لتصبح أول مرشحة ترانس بشكل علني تسعى للوصول إلى منصب سياسي رسمي في البلاد. تمثّل هذه الخطوة إنجازًا مهمًا في مسيرة تمكين المجتمع الكويري والعاملات بالجنس والنساء، في دولة لا تزال تعاني من فجوات قانونية وثقافية فيما يخص حقوق الإنسان والمساواة الجندرية.
ترشيح جريء ورسالة واضحة
أعلنت ليركا، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان وحقوق الترانس، ترشحها لرئاسة حيّ “القطاع الخامس” في العاصمة بوخارست، أحد أكثر المناطق تهميشًا من حيث الخدمات والتنمية. وقالت في تصريحات إعلامية إنها تسعى إلى بناء إدارة محلية “ترى الجميع” وتعمل على رفع صوت الفئات المستبعدة سياسيًا واجتماعيًا.
وأضافت:
“أريد أن أكون صوت النساء، العاملات في الجنس، والمجتمع الكويري، وكل من تُركوا خلف الركب في السياسات المحلية.”
سياق سياسي حساس: محاولات حظر الهوية الجندرية
يأتي ترشح ليركا في وقت حساس سياسيًا، إذ شهدت رومانيا مؤخرًا محاولة من البرلمان لتمرير قانون يحظر تدريس مفاهيم “الهوية الجندرية” في المدارس والجامعات. وقد أثارت هذه الخطوة موجة من الاحتجاجات محليًا ودوليًا، حيث اعتبرها الكثيرون انتهاكًا لحرية التعبير والحق في التعليم الشامل.
ورغم تمرير القانون مبدئيًا، إلا أن المحكمة الدستورية الرومانية ألغته لاحقًا، معتبرة إياه غير دستوري، ما اعتُبر انتصارًا للحريات الأكاديمية وحقوق الإنسان، ومهّد الطريق لترشيحات سياسية أكثر تنوعًا مثل ترشح ليركا.
أهمية التمثيل السياسي للمجتمع الترانس والكويري
وجود مرشحة ترانس في سباق انتخابي رسمي برومانيا ليس مجرد حدث رمزي، بل يُعدّ تطورًا نوعيًا على عدة أصعدة:
- توسيع المشاركة السياسية للفئات المهمشة، خصوصًا مجتمع الترانس الذي يواجه تحديات قانونية واجتماعية كبيرة في أوروبا الشرقية.
- كسر الصور النمطية حول من يمكنه الترشح أو تمثيل الناس في مواقع صنع القرار.
- رفع الوعي بقضايا حقوق الإنسان، خصوصًا قضايا العنف ضد النساء، والتمييز ضد العاملات بالجنس، وحرية الهوية الجندرية.
وتقول منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”ILGA-Europe” إن إشراك أصوات ترانس وكويرية في السياسة يعزز من فرص تبنّي سياسات أكثر شمولًا وعدالة.
تحديات قادمة ولكن الأمل موجود
ورغم أن فرص فوز ليركا لا تزال غير مؤكدة في ظل المناخ المحافظ للناخبين في بعض مناطق رومانيا، إلا أن حملتها الانتخابية تُعتبر اختراقًا مهمًا في المشهد العام، وتمهّد الطريق لترشح شخصيات كويرية أخرى في المستقبل. كما تساهم في تقوية الوعي السياسي داخل المجتمعات المهمشة بأن التغيير يبدأ بالمشاركة، لا بالانتظار.
ترشح أنتونيلا ليركا هو لحظة تاريخية للمجتمع الترانس في رومانيا، ورسالة قوية بأن التغيير ممكن، حتى في المجتمعات التي لم تعتد على رؤية أشخاص من خلفيات وهويات متنوعة في الحياة العامة. وبينما لا تزال الطريق طويلة نحو المساواة الكاملة، فإن هذه الخطوة تمثل بداية حقيقية لصوت جديد، مختلف، ولكنه ضروري في السياسة الأوروبية المعاصرة.