أطياف

تار: معضلة العيش في زمن الكلاسيكية مع تطورات السوشيال ميديا

يسلط فيلم تار الضوء على جزء من حياة الموسيقارة الأوركسترالية المثلية ليديا تار. أول امرأة ترأس وتقود الأوركسترا الألمانية الكبرى، وحاصلة على جوائز (ايمي، جرامي، الأوسكار، وتوني). ولكن هذا الجزء من حياتها ليس حياة شخص كاملة ولا رحلة صعود، بل رحلة سريعة للهبوط من القمة وإلى الهاوية. وليس هناك أفضل من الممثلة كيت بلانشيت للعب دور تلك المرأة التي تريد أن تحافظ على إرثها والكلاسيكية في عملها وحياتها وسط تصيد السوشيال ميديا لها وقراراتها الشخصية التي تؤثر على زواجها من عازفة الكمان شارون وطفلتهما بالتبني والتي تعني لها الكثير.

تار هي شخصية ناجحة وقوية ومرهفة، أذانها موسيقية حساسة، بإمكانها تحويل أي شيء تسمعه إلى موسيقى، وأي شعور تريد التعبير عنه أو قد تعيشه تستطيع إخراجه من خلال الموسيقى أيضًا. من خلال قيادتها كمايسترو للفرقة الموسيقية في برلين، امرأة تعيش في زمن الكلاسيكية وترى ذلك في قيادتها كمايسترو لفرقتها عند العزف وحركات جسدها وطريقة تحدثها وحتى في اختيار ملابسها.

تحاول ليديا تار الحفاظ على إرثها وسط عالم حديث تجد صعوبة في التعامل معه والاعتراف به، تريد أن تكون حياتها مثلما يكون اللحن الكلاسيكي في كل خطوة تخطوها، نحو بناء تاريخها الخاص كما تريده هي أن يكون، والهرب من ماضيها.

لكن كيف يفعل المرء هذا وسط تصيد السوشيال ميديا له وانتشار ثقافة الإلغاء؟ وكيف بإمكانها تحقيق هذا مع اتخاذها قرارات شخصية تُثبت عليها بعض الاتهامات وتدمر زواجها وعائلتها التي كانت تعني لها الكثير، خاصة طفلتها وخسارتها لكل هذا سريعًا؟

مع مراعاة عرض المؤلف والمخرج تود فيلد تلك الاتهامات بطريقة محايدة وغامضة وعدم الاشتباك معها أو محاولة نفيها أو اثباتها!

مثلما دمجت تار الموسيقى في رتم حياتها وعزفها، استطاع المخرج إظهار ذلك الدمج الموسيقي مع شخصية تار وأحداث الفيلم والاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية وسمفونيتها وروادها من الموسيقيين مثل ماهلر.

كل هذا التعقيد استطاعت الممثلة كيت بلانشيت الخوض فيه بكل تفاصيله الكبيرة والصغيرة ببراعة وتمكنت من تمثيل شخصية تار بطريقة عبقرية تجعلك تشعر بما قد تفكر وتشعر به الشخصية مع الاحتفاظ بغموض تلك الشخصية في نفس الوقت.

فازت كيت بلانشيت بجائزة جولدن جلوب للمرة الرابعة في تاريخها كأفضل ممثلة عن الفيلم الدرامي Tàr ومن المتوقع فوزها بجوائز أخرى قريبة مثل الأوسكار. وهذه ثاني شخصية مثلية تقوم بلعبها كيت بلانشيت بعد شخصيتها الرئيسية الشهيرة في فيلم كارول والذي حمل اسم الشخصية الرئيسية أيضًا.

الفيلم متاح للمشاهدة مع الترجمة العربية.

كتابة: لانا

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.