في خطوة تؤكد نجاحه وشعبيته المتنامية عالميًا، أعلنت شبكة نتفليكس (Netflix) عن تجديد برنامج الواقع الأمريكي الشهير Queer Eye لموسم ثالث، بعد حصوله على أربع ترشيحات ضمن جوائز إيمي Emmy Awards، من بينها جائزة أفضل برنامج واقعي غير تنافسي.
الخبر لم يكن مفاجئًا للكثير من متابعي البرنامج، الذين أشادوا به منذ انطلاق نسخته الجديدة في فبراير 2018، حيث أصبح البرنامج منصة مرئية تمزج بين الترفيه والتغيير الاجتماعي، مسلطًا الضوء على قضايا الهوية الكويرية، والتنوع، وقبول الآخر في المجتمع الأمريكي.
ما هو برنامج Queer Eye؟
Queer Eye هو إعادة إحياء لبرنامج شهير حمل الاسم نفسه، وبدأ في أوائل الألفينات، ويعود في نسخته الجديدة بفريق مكون من خمسة خبراء كويريين – يُطلق عليهم لقب الخمسة المذهلون (The Fab Five) – كل منهم متخصص في مجال مختلف:
- جوناتان فان نيس: العناية الشخصية وتصفيف الشعر
- أنطوني بوروسكي: الطهي والتغذية
- كرايمو براون: الثقافة والتفاعل الإنساني
- بوبي بيرك: التصميم الداخلي
- تان فرانس: الأزياء والموضة
يقوم الفريق بزيارة أشخاص من خلفيات متنوعة بهدف مساعدتهم في تحسين حياتهم الشخصية والمهنية، عبر تغييرات نفسية وشكلية عميقة. لكن البرنامج يتجاوز “التحوّل السطحي”، ليغوص في قضايا الهوية، والانفتاح، والمصالحة مع الذات والآخر.
من جورجيا إلى ميزوري: تغيير الموقع للموسم الثالث
أعلنت نتفليكس أن تصوير الموسم الثالث من Queer Eye سينتقل من ولاية جورجيا، التي احتضنت أول موسمين، إلى ولاية ميزوري (Missouri)، وتحديدًا في مدينة كانساس سيتي.
ويُعتقد أن هذا الانتقال ليس مجرد تغيير جغرافي، بل محاولة لاستكشاف تحديات جديدة في بيئات اجتماعية وثقافية مختلفة ضمن الولايات المتحدة، لا سيما في الولايات التي تتسم بطابع أكثر تحفظًا من حيث المواقف تجاه مجتمع الميم (LGBTQ+).
ترشيحات جوائز إيمي: إنجاز إعلامي لافت
في منتصف يوليو 2018، حصل البرنامج على أربع ترشيحات في جوائز إيمي، بما فيها:
- أفضل برنامج واقعي غير تنافسي
- أفضل تصوير
- أفضل إخراج لبرنامج واقعي
- أفضل تحرير لبرنامج واقعي
وتُعد هذه الترشيحات إنجازًا كبيرًا، لا سيما أن البرنامج لا يركز فقط على الترفيه، بل يدمج رسائل تمكين وتقبل وتغيير اجتماعي حقيقي، وهي معايير بدأت تلقى اهتمامًا متزايدًا من لجان التحكيم في الجوائز العالمية.
ومن المقرر أن تُقام الدورة السبعين لجوائز الإيمي في 17 سبتمبر 2018، وسط ترقب كبير من جمهور البرنامج ومحبيه حول العالم.
أثر ثقافي واجتماعي واسع
منذ انطلاقه، شكّل Queer Eye مساحة فريدة من نوعها في الإعلام المرئي، حيث لا يقتصر على التجميل والتصميم فحسب، بل ينفتح على مواضيع حساسة مثل:
- الهوية الجندرية
- التحولات الاجتماعية في أمريكا الريفية
- المصالحة مع العائلة والدين
- صعوبات الخروج من “الخزانة” والبوح بالميول الجنسية
وقد حاز البرنامج على إشادات من نقاد ومتابعين كونه يعزز مفاهيم التنوع، والتعاطف، وكسر الصور النمطية عن الرجال المثليين، خصوصًا في مجتمعات محافظة أو تقليدية.
منصة لتغيير الوعي العام
لا يمكن اعتبار Queer Eye مجرد “برنامج واقع”، بل هو امتداد لحركة ثقافية تستهدف توسيع نطاق تقبّل الكويريين في الثقافة العامة. بل إن العديد من مشاهدي البرنامج من خلفيات غير منتمية لمجتمع الميم أصبحوا يعبّرون عن تعاطف وتفهم أكبر بعد متابعته.
وقد وصفت صحيفة The Guardian البرنامج في أحد مقالاتها بأنه “واحد من أكثر البرامج صدقًا وتأثيرًا في الجيل الجديد من تلفزيون الواقع”.
تلفزيون الواقع حين يصنع فرقًا حقيقيًا
بفضل طاقمه الفريد، ورسالته المُلهمة، وترشيحاته الجوائزية المرموقة، يبدو أن Queer Eye في طريقه إلى أن يصبح واحدًا من أكثر برامج الواقع تأثيرًا في هذا العقد.
مع كل حلقة، يذكّرنا البرنامج أن التحول لا يبدأ من الشكل الخارجي، بل من الداخل، من القبول، ومن التعاطف مع النفس والآخرين.
