فوز مستحق في جوائز الأوسكار للطلاب
في إنجاز لافت لصالح تمثيل التنوع العاطفي في السينما، فاز اثنان من العاملين في ستوديو “بلو سكاي” بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة مثلية قصير ضمن جوائز الأوسكار الطلابية، عن عملهما المؤثر والجميل “In a Heartbeat”، وهو فيلم قصير صامت يحكي قصة حب بريئة بين صبيين مراهقين.
أُعلن عن الجائزة خلال حفل توزيع جوائز أكاديمية فنون وعلوم السينما للطلاب في أكتوبر 2017، وهو الحفل السنوي الذي يكرم الإبداعات السينمائية لطلاب الجامعات والمعاهد من مختلف أنحاء العالم. وقد أثار الفيلم اهتمامًا واسعًا منذ لحظة صدوره، محققًا ملايين المشاهدات على يوتيوب خلال أيام قليلة فقط من عرضه الأول.
فيلم قصير… بأثر عاطفي كبير
فيلم “In a Heartbeat” من إنتاج دانيال ميركادو وإستيبان برافو، وهما طالبان سابقان في كلية Ringling للفنون والتصميم. تدور أحداث الفيلم حول صبي صغير يُدعى شيروين يقع في حب زميله في المدرسة جوناثان، ويُصور الفيلم كيف يهرب قلب شيروين من صدره ليلاحق الشخص الذي يحبه.
على الرغم من أن الفيلم لا يحتوي على حوار لفظي، فإن الرسوم المتحركة والموسيقى التصويرية تنقل مشاعر الشغف والقلق والدهشة والارتباك التي يختبرها الكثير من المراهقين في بداياتهم مع الحب، خصوصًا أولئك الذين لا يتم تمثيلهم بشكل كافٍ في وسائل الإعلام التقليدية.
وقد أشاد النقاد بقدرة الفيلم على تقديم قصة عاطفية صادقة وواقعية في غضون أقل من أربع دقائق، حيث عبّر العديد منهم عن تقديرهم العميق للأسلوب الفني والتقني الرفيع المستخدم في العمل، إضافةً إلى رسالته العاطفية والإنسانية.
تمثيل نادر للمراهقين المثليين في الرسوم المتحركة
ما يجعل فيلم “In a Heartbeat” مميزًا بشكل خاص هو كونه من أوائل أفلام الرسوم المتحركة التي تقدم قصة حب بين مراهقين مثليين بطريقة طبيعية وواقعية دون اللجوء إلى الكليشيهات أو السخرية.
ففي عالم لا تزال فيه الشخصيات المثلية نادرة في الأفلام الموجهة للجمهور العام، جاء هذا الفيلم بمثابة نافذة جديدة تمكّن الأطفال والمراهقين من رؤية أنفسهم ممثلين على الشاشة، لا سيما أولئك الذين قد يشعرون بالعزلة أو الارتباك حيال مشاعرهم.
وقال صناع الفيلم في مقابلات صحفية سابقة إن هدفهم من العمل لم يكن فقط الترفيه، بل أيضًا تقديم رسالة عن تقبّل الذات والتعاطف مع الآخرين، لا سيما في سن حرجة مثل المراهقة.
ردود الفعل والدعم الجماهيري
منذ نشره على موقع YouTube في يوليو 2017، حقق “In a Heartbeat” أكثر من 40 مليون مشاهدة في غضون أسابيع، وتلقى دعمًا واسعًا من النقاد والمؤسسات الحقوقية والمشاهير.
وأشاد ناشطون في مجال حقوق مجتمع الميم بجرأة الفيلم ولطفه في الوقت ذاته، واعتبروه مساهمة مهمة في بناء ثقافة إعلامية أكثر شمولًا للأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم.
كما أعرب الكثير من الأهالي عن امتنانهم للفيلم، معتبرين أنه يمكن أن يكون مدخلًا إيجابيًا للنقاش مع أطفالهم حول موضوعات الهوية والجنس والحب والتقبل.
أهمية الفوز بجائزة الأوسكار الطلابية
الفوز بجائزة الأوسكار للطلاب يُعد إنجازًا كبيرًا، ليس فقط للمخرجين الشابين، بل أيضًا لصناعة السينما المستقلة والإنتاجات التي تسعى لتقديم رؤى جديدة ومجتمعية.
فمن خلال هذا التكريم، ترسل الأكاديمية رسالة واضحة بأن الفن الذي يعكس التنوع الإنساني ويعزز القبول والتفاهم يستحق التقدير والدعم.
وبالنسبة لدانيال ميركادو وإستيبان برافو، فإن هذا الفوز يفتح أمامهما أبوابًا واسعة في صناعة السينما، ويثبت أن للأعمال الصادقة والعاطفية قدرة على إحداث تأثير يتجاوز الحدود والتوقعات.
مستقبل أكثر تنوعًا في السينما وعرض قصص مثلية
يمثل “In a Heartbeat” خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر تنوعًا في مجال صناعة أفلام الرسوم المتحركة. وفي وقت لا تزال فيه بعض المجتمعات تُجرّم أو تُهمّش المثليين، يظل الفن وسيلة قوية لإعادة صياغة التصورات وتوسيع دوائر التمثيل.
ويأمل صناع الفيلم أن يُلهم هذا العمل غيرهم من المبدعين والطلبة لإنتاج محتوى يحمل رسائل قوية، ويعكس التجارب الإنسانية المختلفة، دون خوف أو تردد.
الفن كوسيلة للتغيير
في زمن يحتاج فيه العالم لمزيد من التعاطف والفهم، يبرز فيلم “In a Heartbeat” كنموذج ملهم لما يمكن أن يُحققه الفن حين يُوظف لصالح الحب والتقبل والتمثيل الحقيقي.
لقد استطاع هذا العمل البسيط في شكله، العميق في مضمونه، أن يترك أثرًا دائمًا في قلوب الملايين، وأن يُدخل الفرح والأمل إلى نفوس أولئك الذين لم يروا أنفسهم على الشاشة من قبل.