أطياف
مثليين

فيلم In a Heartbeat القصير يهز القلوب ويمثل براءة حب المثليين

قصة حب عابرة للصمت والتقاليد: حين يهرب القلب ليتبع من يُحب

في عام 2017، أصدر طالبان من معهد رينغلينغ للفنون والتصميم في فلوريدا فيلم أنيميشن قصير بعنوان “In a Heartbeat”، ليحقق انتشارًا واسعًا على الإنترنت ويُشعل النقاشات حول تمثيل الحب المثلي في أفلام الرسوم المتحركة.

هذا الفيلم، الذي لا تتجاوز مدته أربع دقائق، استطاع أن يُحرّك مشاعر الملايين حول العالم دون نطق كلمة واحدة. بلغة الصور والموسيقى، يحكي الفيلم قصة فتى مراهق يقع في حب زميله، ويحاول بكل قواه أن يُخفي مشاعره… لكن قلبه لا يطاوعه.

من فكرة إلى ظاهرة: كيف وُلد المشروع؟

“In a Heartbeat” هو مشروع تخرّج لكل من “إستيبان برافو” و”بيترو كاستيلوتشي”. وقد أراد الشابان تقديم قصة حب مثلي بريئة، تشبه التجارب الأولى التي يعيشها كل فتى في عمر المراهقة.

يقول المخرجان إنهما لم يجدا تمثيلًا كافيًا لعلاقات المراهقين المثليين في أفلام الرسوم المتحركة، ولذلك قررا أن يملأا هذا الفراغ. واستعانا بفريق صغير من الطلاب والفنانين لإنجاز الفيلم، الذي تم تمويله جزئيًا من خلال حملة تمويل جماعي.

الحب من النظرة الأولى… والهروب من الخوف

تدور أحداث الفيلم حول صبي صغير يُدعى “شيروين”، يقع في حب زميله “جوناثان”. لكن بدلاً من أن يُصارحه، يختبئ خلف شجرة، في حين ينبض قلبه بقوة حتى يخرج من صدره ويبدأ بملاحقة جوناثان.

يُصاب شيروين بالذعر ويحاول الإمساك بقلبه ومنعه من كشف مشاعره. لكن المشهد يتحول إلى سباق كوميدي وتراجيدي في آنٍ واحد، حيث يرمز هذا القلب الهارب إلى رغبة مكبوتة لا يمكن كبتها إلى الأبد.

بلا حوار… ولكن بلغة عالمية

ما يميز “In a Heartbeat” هو أنه لا يحتوي على أي حوار. القصة تُروى فقط من خلال تعبيرات الوجوه، الحركة، والإخراج الفني الرائع، مصحوبة بموسيقى تصويرية عاطفية كتبها “أستون بيتي”.

هذا الصمت لم يكن عائقًا، بل عنصر قوة. لقد جعل الفيلم أكثر شمولًا، ويمكن لأي شخص في أي مكان في العالم أن يفهمه ويشعر به، دون حاجز اللغة أو الثقافة.

نجاح فاق التوقعات

عند إطلاقه على يوتيوب في يوليو 2017، حصد الفيلم أكثر من 20 مليون مشاهدة خلال أسابيع قليلة، وتصدر قوائم الفيديوهات الأكثر تداولًا على وسائل التواصل الاجتماعي.

نال الفيلم إشادة من النقاد، وشارك في أكثر من 100 مهرجان سينمائي حول العالم، كما حاز على عدة جوائز تقديرية.

وقد اعتبره الكثيرون خطوة غير مسبوقة في تمثيل المثلية الجنسية في أفلام الأنيميشن الموجهة للفئة العمرية الصغيرة والمتوسطة.

تمثيل نادر للمثليين ولكن مهم

يُعد “In a Heartbeat” من الأعمال النادرة التي تعالج موضوع الحب المثلي في سن المراهقة، وخاصة في قالب كرتوني.

في الوقت الذي ما زالت فيه المجتمعات المحافظة تُقاوم هذا النوع من التمثيل، جاء الفيلم كرسالة ناعمة ومؤثرة تقول:

“الحب ليس جريمة، والمشاعر لا يجب أن تُخفى خوفًا من الرفض أو الوصمة.”

ردود فعل الجمهور: بين التأثر والجدل

العديد من مشاهدي الفيلم كتبوا رسائل شكر على اليوتيوب، مؤكدين أن القصة ذكّرتهم بتجاربهم الشخصية، أو ساعدتهم على الشعور بأنهم ليسوا وحدهم.

في المقابل، لم يخلُ الفيلم من الانتقادات، خاصة من التيارات الدينية أو المحافظين الذين اعتبروا أنه “يروج للمثلية للأطفال”. إلا أن المخرجيْن أوضحا مرارًا أن الهدف لم يكن تسييس العمل، بل تقديم قصة صادقة من وحي تجارب واقعية.

تأثير مستمر وإلهام لصانعي المحتوى

منذ صدور “In a Heartbeat”، ظهر المزيد من الأعمال التي تستكشف الحب المثلي والهوية الجندرية من خلال الرسوم المتحركة.

وربما يُعزى الفضل في جزء كبير من هذا الانفتاح إلى الشجاعة التي أظهرها برافو وكاستيلوتشي في تقديم هذا الفيلم.

الخلاصة: فيلم صغير… برسالة كبيرة

في زمن يُستخدم فيه الإعلام أحيانًا لبث الخوف والكراهية، يُعد “In a Heartbeat” نموذجًا لما يمكن أن يحدث عندما نستخدم الفن لزرع التفاهم والتعاطف.

هذا الفيلم القصير لا يقول فقط “من حقك أن تُحب”، بل يقول أيضًا: “من حقك أن تكون صادقًا مع نفسك، حتى وإن كان قلبك هو من يكشف السر.”

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.