في خطوة فنية واجتماعية غير مسبوقة في المشهد الثقافي المغربي وشمال إفريقيا، أعلنت مجموعة “سقف” للفن الكويري النسوي عن إصدار أول أغنية راب تؤديها فنانة عابرة جنسياً، هي الفنانة المغربية “طوكيو”، تحت عنوان “489”، في إشارة مباشرة إلى الفصل 489 من القانون الجنائي المغربي الذي يجرم العلاقات الجنسية المثلية.
الأغنية، التي أُطلقت مساء يوم السبت 28 ديسمبر، تأتي تزامناً مع الحملة الحقوقية الرقمية #الحب_ماشي_جريمة، والتي تسعى إلى إلغاء القوانين المجحفة ضد الحريات الفردية، خاصة تلك التي تستهدف أفراد مجتمع الميم عين (LGBTQ+).
“489”: فن مقاوم ضد التجريم القانوني
الأغنية الجديدة تحمل بُعداً نضالياً صريحاً، حيث تؤكد مجموعة “سقف” في بيانها:
“الطراك كايعنينا، والفن كايمثلنا، والفن النضالي حل من بين الحلول.”
اختارت الفنانة “طوكيو” أن توظف صوتها وتجربتها الشخصية عبر فن الراب، الذي لطالما كان أداة تعبير شعبية للمهمشين، للتصدي للعنف القانوني والاجتماعي المسلط على الأجساد والهويات المختلفة في المغرب. وتعتبر الأغنية أول عمل فني يُصنف على أنه كويري نسوي ترانز في الساحة الموسيقية المغاربية.
من هي مجموعة “سقف”؟
أُطلقت مجموعة “سقف” في أغسطس 2019 كمنصة لدعم وتشبيك الفنانات والفنانين الكوير والنّساء في المغرب وشمال إفريقيا، وتعمل على:
- دعم الإبداع الفني النسوي والكويري.
- احتضان المواهب الصاعدة وتوفير فرص التشبيك.
- تعزيز مساحة آمنة للتعبير الفني خارج الأطر التقليدية.
أشارت “سقف” إلى أن هذه الأغنية هي باكورة سلسلة مشاريع فنية ستركز على التجارب المهمشة والمقموعَة، مؤكدة على أهمية التمثيل الفني في معركة الكرامة والحرية.
حملة “الحب ماشي جريمة”: الفن في قلب النضال الحقوقي
تأتي أغنية “489” ضمن إطار أوسع يتمثل في حملة “#الحب_ماشي_جريمة”، وهي مبادرة حقوقية أطلقتها حركة “خارجون عن القانون”، عقب اعتقال الصحفية هاجر الريسوني عام 2019. وقد هدفت الحملة إلى جمع 5000 توقيع على عريضة تطالب بإلغاء تجريم الحريات الفردية، مثل العلاقات الجنسية الرضائية خارج الزواج، والإجهاض، والعلاقات المثلية.
وقد قدمت الحركة خطوات عملية للمواطنين من أجل:
- التسجيل في بوابة المشاركة المواطنة.
- التحقق من القيد في اللوائح الانتخابية.
- توقيع العريضة باستخدام البطاقة الوطنية.
وأكدت “سقف” دعمها الكامل لهذه الحملة، معتبرة أن الفن الكويري النسوي ليس فقط وسيلة تعبير، بل شكل من أشكال المقاومة اليومية ضد القوانين والسياسات التي تُجرم الحب والاختلاف.
الفن الكويري في المغرب: بين الصمت والتحدي
رغم القيود القانونية والاجتماعية، بدأ الفن الكويري في المغرب يشق طريقه بصوت عالٍ وواضح، لا سيما عبر الفضاءات الرقمية التي تتيح مساحة من الحرية والنقاش. ويشهد المغرب في السنوات الأخيرة حراكاً فنياً وحقوقياً متنامياً يطالب بإلغاء الفصل 489 وغيره من القوانين التي تجرم الحريات الفردية.
أشارت تقارير حقوقية إلى أن أكثر من 170 شخصاً تمت محاكمتهم عام 2018 بسبب ميولهم الجنسية، ما يجعل النضال الفني ذا أهمية قصوى في كسر التابوهات وإعادة بناء خطاب إنساني حول الجسد والحرية والهوية.
حين يتحول الفن إلى فعل مقاومة
تؤكد أغنية “489” أن الفن ليس فقط للترفيه، بل أداة نضال وتغيير اجتماعي. في ظل واقع قانوني صعب يواجهه مجتمع الميم في المغرب، تقدم الفنانة “طوكيو” ومجموعة “سقف” نموذجاً لتمرد ناعم لكنه قوي، يُقاوم الصمت بالإبداع ويواجه القمع بالموسيقى.
ندعو جمهور الفن والحقوق إلى دعم هذه المبادرات، ومشاركة الأغنية والعريضة، تأكيدًا على أن “الحب ماشي جريمة”، وأن الراب النسوي الكويري صوتٌ لا يمكن تجاهله.