بدأت قصة Heartstopper (خطفت قلبي) عام 2016 كرواية مصوّرة تنشرها الكاتبة والرسامة البريطانية أليس أوزمان (Alice Oseman) على الإنترنت، قبل أن تتحول إلى سلسلة من المجلدات المطبوعة التي سرعان ما حققت نجاحًا كبيرًا بين القراء الشباب.
تميّز العمل بقدرته على تقديم العلاقات الكويرية في مرحلة المراهقة بطريقة واقعية ودافئة، بعيدًا عن الصور النمطية أو الخطابات الوعظية، مع التركيز على لحظات الحياة اليومية، الصداقة، الضغوط العائلية، والبحث عن الهوية.
هذا التناول المختلف جعل Heartstopper (خطفت قلبي) يكتسب قاعدة جماهيرية واسعة، خاصة أنه قدّم تمثيلًا صادقًا للشباب المثليين واللا ثنائيي الجندر الترانس واللاجنسيين، والتي غالبًا ما غاب أفرادها عن الأعمال الموجهة للمراهقين، مما حول المسلسل من رواية مصورة إلى ظاهرة عالمية.
نجاح المسلسل على نتفليكس
في عام 2022، تبنت نتفليكس الرواية لتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، لتبدأ موجة جديدة من النجاح العالمي. جسّد الممثل كِت كونور (Kit Connor) شخصية نِك نلسون، الشاب الرياضي الذي يكتشف ميوله الجنسية وكونه مزدوج الميول الجنسية (بايسكشوال) ويعيش رحلة حب غير متوقعة مع زميله تشارلي سبرينج الذي لعب دوره جو لوك (Joe Locke).
خلال ثلاثة مواسم، قدّم المسلسل لحظات عاطفية مميزة، من أول قبلة خجولة إلى مواجهة التنمّر وضغوط الهوية، ليصبح رمزًا للتمثيل الكويري الصادق على الشاشة الصغيرة وخاصةً للمراهقين والشباب.
العمل حاز إشادة نقدية واسعة وحضورًا قويًا في النقاشات الثقافية، بل ووُصف بأنه “أحد أكثر المسلسلات دفئًا وأملًا لجيل كامل من الشباب الكوير”.
من المسلسل إلى الفيلم: قرار أوزمان
رغم نجاح المسلسل، أعلنت أوزمان في 2024 أن القصة ستُختتم بفيلم طويل بعنوان Heartstopper Forever (خطفت قلبي للأبد) بدلًا من موسم رابع. الفيلم سيجمع بين أحداث المجلد السادس من الرواية المصوّرة وقصة قصيرة سابقة للكاتبة بعنوان Nick and Charlie (نِك وتشارلي).
اختيار الفيلم كخاتمة لم يكن قرارًا تقنيًا فقط، بل رؤية فنية أرادت من خلالها أوزمان أن تمنح نِك وتشارلي وداعًا سينمائيًا يليق بمكانتهما.
التصوير اكتمل في يوليو 2025 بمشاركة فريق العمل الأصلي، بينما تولى الإخراج واش ويستمورلاند (Wash Westmoreland)، المعروف بأعماله السينمائية الكويرية، في حين أشرفت أوزمان بنفسها على كتابة السيناريو وضمان اتساقه مع عالم Heartstopper (خطفت قلبي).
انحراف عن الكتاب السادس
أوضحت أوزمان في لقاء خلال مهرجان إدنبرة الدولي للكتاب أن الفيلم لن يلتزم حرفيًا بأحداث المجلد السادس. هناك نقطة في منتصف الأحداث ينحرف فيها المسار ليتخذ طريقًا مختلفًا نحو النهاية، في محاولة لإيجاد معالجة جديدة للتحديات التي تواجه نِك وتشارلي مع اقتراب التحاق نِك بالجامعة.
هذا القرار يفتح المجال لتقديم عناصر مفاجئة حتى للقراء الذين تابعوا الروايات المصوّرة، ويجعل من الفيلم تجربة قائمة بذاتها بدلًا من مجرد إعادة صياغة للنص الأصلي. أوزمان قالت إنها أرادت أن يكون الفيلم “خاتمة عاطفية وجميلة” تعكس التحول من حب المراهقة إلى اختبار الزمن والاستقلالية.
تحديات الانتقال والنمو
الفيلم يلتقط لحظة مفصلية في حياة نِك وتشارلي، حيث الانتقال من المراهقة إلى مرحلة الرشد. يطرح أسئلة وجودية عميقة: هل يمكن للحب الأول أن يصمد أمام التغيرات الجذرية مثل البعد الجغرافي واختلاف المسارات الحياتية؟ وما الذي يجعل علاقة ما تستمر لتصبح حبًا أبديًا؟
أوزمان وصفت هذا الانتقال بأنه “من الماضي إلى المستقبل، ومن الرومانسية المدرسية إلى الحب الدائم”، مؤكدة أن الفيلم لا يهدف فقط إلى الوداع بل إلى تقديم صورة لما يمكن أن تعنيه قصة حب كويرية في سياق الحياة كاملة.
دور النجوم في صنع الفيلم
إلى جانب عودتهما في أدوار البطولة، شارك كل من كِت كونور وجو لوك كمنتجين تنفيذيين، ما أضفى طابعًا شخصيًا على المشروع. هذا الدور يعكس مدى ارتباطهما بالقصة ورغبتهما في أن يكون الختام على مستوى توقعات الجمهور.
نشرت الكاتبة والمبدعة البريطانية أليس أوزمان (Alice Oseman)، صاحبة روايات Heartstopper والكاتبة والمشرفة الإبداعية على العمل التلفزيوني المقتبس عنها، منشورًا مؤثرًا عبر حسابها الرسمي على إنستغرام لتودّع به رحلة التصوير الطويلة.
وقالت أوزمان في تعليقها المصاحب للصور: «صور الختام الأخيرة لمسلسل Heartstopper! مع كل الحب من المخرج واش ويستمورلاند (Wash Westmoreland)، والمنتج التنفيذي باتريك والترز (Patrick Walters)، وأنا ككاتبة ومبدعة العمل، والمنتج بريت توماس (Brett Thomas)، ومدير التصوير جيمس رودس (James Rhodes)، إضافة إلى نجمي المسلسل والمنتجين التنفيذيين كيت كونور (Kit Connor) وجو لوك (Joe Locke)»، لترافق كلماتها قلوبًا وأوراق خريفية ❤️🍂 في إشارة إلى روح العمل وأجوائه.
المنشور جاء كلمسة وداعية من فريق العمل بعد انتهاء تصوير الجزء الأخير من المسلسل الذي بات أيقونة في تمثيل قصص المراهقين الكويريين حول العالم.
كما أن مشاركة ويستمورلاند في الإخراج أعطت للفيلم بعدًا إضافيًا، حيث قدّم من قبل أفلامًا بارزة ذات حضور كويري لافت مثل Colette (كوليت، 2018) الذي تناول حياة الكاتبة الفرنسية كوليت وعلاقتها النسائية المثلية، وفيلم Velvet Goldmine (فيلفيت جولدماين، 1998) الذي غاص في عالم موسيقى الروك وعلاقات الرجال الكويرية في السبعينيات.
هذه الخلفية الفنية تجعل من مساهمته في Heartstopper Forever (خطفت قلبي للأبد) امتدادًا طبيعيًا لمسيرته التي تربط بين الفن والسرديات الكويرية.
أثر Heartstopper في التمثيل الكويري
منذ بدايته، ساهم Heartstopper (خطفت قلبي) في تغيير صورة التمثيل الكويري على الشاشة. فهو لم يقدّم الشخصيات المثلية كرموز جانبية أو موضوعات هامشية، بل وضعها في قلب القصة كبطلين رئيسيين. هذا التمثيل ألهم ملايين الشباب حول العالم، خاصة في مناطق لا تزال فيها الهويات الكويرية عرضة للوصم أو الإقصاء.
الفيلم الجديد يعزز هذا الإرث عبر إظهار نِك وتشارلي في مواجهة لحظة انتقال حياتية حقيقية، بدلًا من الاكتفاء بسرد قصص رومانسية بسيطة، ليؤكد أن الحب الكويري لا يقل عمقًا أو تعقيدًا عن أي قصة حب أخرى.
ما ينتظره الجمهور
حتى الآن، لم تكشف نتفليكس تفاصيل دقيقة حول المشاهد أو درجة جرأة الفيلم، لكن المؤكد أن الجمهور يتوقع تجربة مليئة بالمشاعر والواقعية. النقاشات المبكرة بين النقاد والجماهير تُظهر اهتمامًا بمعرفة كيف سيوازن الفيلم بين وفائه لروح الكتب والمسلسل وبين تقديم نهاية جديدة ومفاجئة.
من المتوقع أن يُعرض الفيلم عالميًا في 2026، وقد يحقق نجاحًا جماهيريًا ونقديًا جديدًا، ليُخلّد مكانته كخاتمة واحدة من أبرز القصص الكويرية في الأدب والدراما المعاصرة.
فيلم Heartstopper Forever (خطفت قلبي للأبد) ليس مجرد فيلم ختامي لمسلسل ناجح، بل إعلان أن قصص الحب الكويري تستحق أن تُروى حتى النهاية، بكل ما تحمله من تحديات وأحلام. إنه وداع دافئ لنِك وتشارلي، ورسالة أوسع إلى العالم مفادها أن الحب، مهما كان شكله أو هويته، يمكن أن يكون أبديًا إذا ما وُجد الصدق والحنان.
الثلاث مواسم من مسلسل Heartstopper (خطفت قلبي) والمكونة من 24 حلقة متاحة للمشاهدة مع ترجمة ودوبلاج عربي عبر نتفليكس في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
