أطياف

دواء جديد… حقنة واحدة سنويًا للوقاية من فيروس نقص المناعة

شهد مجال مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية تطورًا مع الإعلان عن نتائج أبحاث جديدة حول عقار ليناكابافير (Lenacapavir)، والذي قد يكون قادرًا على حماية الأشخاص لفترة أطول مما كان يُعتقد سابقًا بحقنتين سنويًا.

حيث أظهرت دراسة حديثة نُشرت في المجلة الطبية ذا لانسيت The Lancet العريقة ومقرها انجلترا، أن هذا العقار يمكن أن يوفر حماية تصل إلى عام كامل.

أُختير عقار ليناكابافير كأفضل اختراع علمي لعام 2024 بعد أن أظهرت التجارب أن حقنة واحدة تحت الجلد كل ستة أشهر توفر حماية كاملة ضد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. ولكن يشير البحث الجديد إلى أن الحقن العضلي العميق قد يُطيل فترة الحماية إلى 12 شهرًا، مما يجعل العلاج أكثر سهولة وفعالية.

ويعد هذا التقدم مهمًا نظرًا لأن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من تطوير لقاح فعال ضد فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، الذي لا يزال يودي بحياة شخص واحد كل دقيقة على مستوى العالم.

على مدار السنوات الماضية، أصبحت العلاجات الوقائية المضادة للفيروس، والمعروفة باسم الوقاية قبل التعرض (PrEP)، وسيلة فعالة لحماية الأشخاص من الإصابة بالفيروس. ولكن الأنواع السابقة من هذه العلاجات كانت تعتمد على جرعات يومية، مما يعني أن نسيان تناول الحبوب قد يؤدي إلى فقدان الحماية وزيادة خطر الإصابة بالفيروس، كما أن تكلفتها مرتفعة وإتاحتها محدودة في عدد كبير من الدول وخاصة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط والقارة الأفريقية.

ويقول الباحثين أن “1.3 مليون إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة حصلت عالميًا عام 2023. وإن 3.5 مليون شخص فقط من بين 21.2 مليون شخص معرضين لخطر الإصابة تمكنوا من الاستفادة بالعلاج الوقائي (PrEP) عام 2023.”

الميزة الأساسية للعلاجات طويلة الأمد مثل ليناكابافير هي سهولة الالتزام بها، حيث تقل الحاجة إلى تذكّر تناول الجرعات يوميًا، كما أنها توفر خصوصية أكبر للمرضى الذين يخشون الوصمة الاجتماعية المرتبطة بتناول أدوية فيروس نقص المناعة.

في تجربة سريرية واسعة شملت جنوب أفريقيا وأوغندا العام الماضي، تبين أن حقن ليناكابافير وفرت حماية كاملة للنساء الأفريقيات الشابات لمدة ستة أشهر. وكانت النتائج واضحة جدًا لدرجة أن الباحثين قرروا إنهاء التجربة مبكرًا، وهو ما يُعد مؤشرًا قويًا على فعالية العلاج.

وقد وصفت ويني بيانييما، رئيسة برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS)، الدواء بأنه منتج معجزة يمكن أن يُحدث تغييرًا جذريًا في الوقاية من الفيروس.

وفي الدراسة الجديدة، فحص علماء من شركة الأدوية جيلياد ساينسز Gilead Sciences، المطورة للعقار، تأثير إعطاء الحقن العضلية لـ 40 فردًا. وجد الباحثون أنه بعد 56 أسبوعًا، كانت مستويات العقار في أجسام الأفراد لا تزال أعلى من الحد الأدنى المطلوب للحماية، مما يشير إلى إمكانية الاعتماد على جرعة واحدة سنويًا بدلًا من جرعتين.

رغم هذه النتائج الواعدة، يواجه ليناكابافير تحديًا رئيسيًا يتمثل في تكلفته العالية، حيث يقدر سعره بأكثر من 40,000 دولار سنويًا في دول مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، والنرويج، وأستراليا.
وأثار هذا السعر المرتفع مخاوف من أن الدول الفقيرة لن تكون قادرة على توفيره لمواطنيها، مما قد يحدّ من تأثيره على المستوى العالمي.

أعلنت شركة جيلياد العام الماضي أنها ستعمل مع شركات تصنيع الأدوية لإنتاج وبيع ليناكابافير كعلاج وقائي قبل التعرض في أكثر من 100 دولة محدودة الموارد وترتفع فيها حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة. إلا أن الوصول إلى المعلومات ومعرفة معدلات الإصابة في الدول يُعد مصدر قلق متزايد في ظل التخفيضات الأخيرة في برامج المساعدات الخارجية الأمريكية، بما فيها برنامج الرئاسة الأمريكية الطارئ لإغاثة مصابي الإيدز (PEPFAR)، الممول الرئيسي لبرامج الوقاية قبل التعرض عالميًا.

إذا تمكنت المنظمات الصحية والحكومات من تخطي عقبة التكلفة، فقد يكون هذا العقار خطوة حقيقية نحو القضاء على وباء الإيدز، وتحقيق حلم طال انتظاره في عالم خالٍ من فيروس نقص المناعة.

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.