تدين وتستنكر المنظمات والحركات وأفراد مجتمع الميم -عين من منطقة غرب آسيا وشمال افريقيا، الموقعة على هذا البيان الإبادة الجماعية على أهل غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين/ات وتؤكد دعمها لحق الشعب الفلسطيني في التحرر من الاستعمار و الاحتلال.
تطالب المجموعات و الأفراد و الجهات الموقعة بوقف فوري لاطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الانسانية للمتضررين/ات و وقف العدوان والإبادة الجماعية بواسطة الجيش الإسرائيلي .
استيقظنا صباح 7 تشرين الأول أكتوبر على عملية عسكرية استهدفت المستوطنات القريبة من غزة المحاصرة و التي تم بناؤها بعد الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية و تهجير أهلها أو إبادتهم. رد الاحتلال على هذه العملية ب عدوان جوي مستمر، بالإضافة إلى قطع الكهرباء والمياه والطعام والإمدادات الطبية، مدعوم عسكرياً ومعنوياً من الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأخرى مثل فرنسا وألمانيا و بريطانيا …الخ طال غزة المحاصرة وأسفر عن أكثر من من 5,087 شهيد بما في ذلك 2000 أطفالًا وإصابة أكثر من 15,273 مدنيًا (حتى لحظة كتابة هذا البيان)، مما أدى إلى اجتثاث عائلات بأكملها وتدمير مبان وتسوية أحياء من الشمال إلى الجنوب في غزة. تتزامن مع هذا العدوان الدموي الذي يشنه الاحتلال تصاعد خطاب عنصري فوقي و ممارسات قمعية استعمارية ممنهجة طالت عدد لا يستهان به من دول العالم ومنصات التواصل الاجتماعي بأدوات متعددة بدءاً بثقافة الإلغاء إلى التهديد العسكري والحكومي والتواطؤ التكنولوجي، هدفها إسكات الخطاب الداعم للقضية الفلسطينية و الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في التحرر من الاستعمار .
إن الاضطرابات المتزايدة والكارثة الإنسانية في غزة والتي تعتبر المنطقة الأكثر كثافة سكانية في العالم، حيث يسكنها حوالي مليوني فلسطيني/ة و تعرضت لعدة اعتداءات إسرائيلية على مر السنين، لا يمكن أن يتجاهلها أولئك الصامدون/ات في تفانيهم/ن من أجل حقوق الإنسان ومناصرة العدالة الاجتماعية. كنشطاء/ات كويريين/ات و عابرين/ات، نحن ندين بشدة جميع أشكال العدوان العسكري، والخسائر المأساوية في أرواح الأبرياء، والجرائم البشعة ضد الإنسانية والتي تعتبر إبادة جماعية حيث تنص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المــادة الثانية (ت) علي ان “تشمل الإبادة الجماعية إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.”. إننا نقف مع المجتمع الدولي في مطالبه الموحدة بوقف فوري وشامل لإطلاق النار في فلسطين يمكن إضافة حيث ينصّ القانون الإنساني على أنه “كلما سمحت الظروف، يتفق على تدبير عقد هدنة أو وقف إطلاق النيران أو ترتيبات محلية لإمكان جمع وتبادل ونقل الجرحى والمرضى المتروكين في ميدان القتال” (اتفاقيّة جنيف 1، المادة 15)، وضمان حصول الجرحى/ات والنازحين/ات على المساعدات العاجلة المنقذة للحياة التي يحتاجون إليها بشدة.
تدعي الحكومة الإسرائيلية الالتزام بشكل لا رجعة فيه بالقوانين الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية، التي تتطلب منع وقوع إصابات في صفوف المدنيين واحتجاز الرهائن حيث تنص المادة الثالثة فقرة 2 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب ” يجمع الجرحى والمرضى ويعتني بهم.” وتنص المادة 15 علي “إنشاء مناطق محمية في الأقاليم التي يجري فيها القتال بقصد حماية الأشخاص … من أخطار القتال دون أي تمييز: أ- الجرحى والمرضى من المقاتلين وغير المقاتلين، ب- الأشخاص المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية ولا يقومون بأي عمل له طابع عسكري أثناء إقامتهم في هذه المناطق.” . كما تنص المــادة (16) من نفس الاتفاقية على أن ” يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين.”.
إن العقاب الجماعي المنهجي الذي تم فرضه على المدنيين/ات الفلسطينيين/ات في غزة والضفة الغربية من قبل كلا من الحكومة الإسرائيلية وجيش الدفاع الإسرائيلي في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، ليس غير مبرر فحسب، بل يستحق الشجب الشديد أيضًا. إن الأعمال الانتقامية التي قام بها جيش الدفاع الإسرائيلي، والتي وصفها العديد من الخبراء/ات المستقلين/ات في مجال حقوق الإنسان المكلفين/ات بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة بأنها جرائم ضد الإنسانية، قد كانت فظيعة بشكل مثير للقلق، حيث ذكرت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة “نفّذت اسرائيل في الواقع تطهيرًا عرقيًا جماعيًا للفلسطينيين بحجّة الحرب. وهي تسعى باسم الدفاع عن النفس، إلى تبرير ما يرقى إلى مستوى التطهير العرقي.”. ويشمل هجومهم اعتداءات مستهدفة على المستشفيات والملاذات التي يجد فيها المدنيون/ات المهجّرون/ات العون والعزاء ، والمؤسسات التعليمية للمدنيين بعد أوامر الإخلاء القسرية. إن العمليات العسكرية الاستراتيجية التي يقوم بها جيش الدفاع الإسرائيلي، مثل الهجمات المحسوبة على نقاط التفتيش الحدودية والقطع المتعمد للإمدادات الحيوية عن غزة، تشكل انتهاكات إنسانية لا يمكن إنكارها. ومثل هذه التصرفات تستحق الإدانة العالمية.
باعتبارنا ناشطين/ات كويريين/ات و عابرين/ات من منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، فإننا نتصور عالمًا يستطيع فيه كل فرد، بغض النظر عن هويته/ها، أن يعيش ويحب ويتواجد في عالم من المساواة الحقيقية والعدالة واحترام التنوع. و عندما يتفشى العنف دون رادع، يصبح من واجبنا التعمق في أصوله وتقييم تداعياته على مجتمعات الميم-عين على مستوى العالم.كما اننا نرفض وبكل حزم استخدام قضايانا الكويرية في خدمة أجندة الكيان الاسرائيلي المحتل وسياسات الغسيل الوردي.
إننا إذ نكتب هذا البيان :
- نؤكد دعمنا اللامشروط لحق الفلسطينيين/ات بتحرير أراضيهم/ن من النهر الى البحر. لا يمكن لأي شخص حر/ة أن يتبنى منهجيات أو نظريات الحريات الفردية والجندرية وأن يتغافل عن حق الشعوب بالتخلص من الاحتلال كاملاً.
- نؤكد بشكل لا لبس فيه أن التحرير الحقيقي والإدماج للجميع، وخاصة الأفراد من مجتمع الميم-عين في المنطقة سوف يكون حلما بعيد المنال إذا استمرت ظلال الدمار الاقتصادي، والتطرف الديني المتفشي، والمساعي العسكرية غير المقيدة، والتأييد المستمر للاحتلالات والمستوطنات غير القانونية والإفلات من العقاب. لا يمكن للاحتلال أن يستمر دون رادع. إن الطريق إلى الأمام يستلزم إنهاء الاستعمار، تعويضات شاملة، ورد الحقوق، وإعادة إعمار ذات معنى، مما يدفعنا نحو تحقيق العدالة التي لا يمكن إنكارها لكل للفلسطينيين/ات.
- نؤكد أيضاً أننا كأفراد و مؤسسات لن نرضخ لأي تهديد مبطن أو مواقف لا تعترف بالاحتلال و لن نسمح لأن يكون الدعم المالي او التقني الذي يتمثل في التمويل و التشبيك أداة كولونيالية بيد دول لها نصيبها من تاريخ الاستعمار و من أشكال الاستعمار الحديث، حيث رأينا خلال هذه الإبادة بيانات مشينة داعمة للحكومة الإسرائيلية من منصات أجنبية تعمل في ميادين حقوقية، وثقافية.
- إننا نطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية وحازمة، ومحاسبة كل كيان، سواء كان فرديًا أو مؤسسيًا، عن أي تورط في أو تسهيل ارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. ويجب ألا تكون العدالة محايدة فحسب، بل يجب أن تكون سريعة أيضًا، مما يضمن الوصول الفوري إلى المساعدات الإنسانية، ويمنع ما قد يتصاعد إلى إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
- إننا نطالب المجتمع الدولي بإنفاذ القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية على المستوى العالمي بثبات. ولا يؤدي التطبيق الانتقائي إلا إلى تآكل الأساس والثقة في هذه الأنظمة القانونية الحيوية.
في مواجهة الحرب المتصاعدة على غزة، نطالب باستجابة عاجلة وشاملة:
- نطالب باستجابة عاجلة وشاملة حيث يجب فتح الحدود دون قيد أو شرط مع ضمان عدم تفريغ وتهجير القطاع من الفلسطينيين، بما يضمن الحركة الآمنة والحرة للمدنيين/ات الفارين/ات من مناطق الحرب مع ضمان عدم تهجير القسري للقطاع.
- نطالب بوقف فوري لإطلاق النار موضع التنفيذ، ووقف جميع الأعمال العدائية، وهو ما يشمل الإفراج السريع عن الرهائن ومحاسبة جميع الأطراف المعنية عن أي انتهاكات للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعايير الإنسانية.
- ندين الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني ووقفها فورا.
- نطالب رفع الحصار عن غزة دون تأخير، وضمان إعادة الخدمات والموارد الأساسية، من الكهرباء والوقود إلى الغذاء والمياه النظيفة، ووصول المساعدات الإنسانية غير المقيدة وليس فقط الأكفان !
- يتعين على المجتمع الدولي، مع التركيز على مجلس الأمن، أن يتخذ إجراءات سريعة إذا استمرت الاعتداءات دون رادع.
نؤكد أن لدينا تصميم قوي في الدفاع عن حقوق الأفراد من مجتمعات الميم-عين والسعي بلا هوادة لتحقيق العدالة والمساواة للجميع. ومع ذلك، فإن التحقيق الحقيقي لهذه المبادئ لا يمكن تصوره ما لم نعمل بنشاط على هدم الآليات والممارسات التي تديم العنف والقمع الذي تدعمه الدولة. إننا نقف موحدين/ات و حازمين/ات في صياغة مستقبل لا تكون فيه العدالة والإنصاف والتقدم والحرية مجرد مُثُل، بل حقائق معيشية للجميع – سواء كان ذلك في فلسطين أو في أي ركن من أركان العالم.
وأخيرا، يجب إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية بشكل نهائي، ويجب إنهاء دعم أي مستوطنات إسرائيلية غير قانونية بشكل حازم. إن الإفلات من العقاب الذي طال أمده على تجاوزات إسرائيل يجب أن ينتهي مرة واحدة وإلى الأبد.