كتابة مايا ميكداشي وجاسبر بوار
النص نشر في 2012 في جدلية بعنوانه الانجليزي هنا، ووافق كلا من الكاتبتين على نشر ترجمة المقال على منصة أطياف.
ترجمة سلفيا وكريزة
المقدمة
اديلنا سنة بنشتبك ونشارك في حركة مناهضة الغسيل الوردي في الولايات المتحدة وأوروبا. الغسيل الوردي بيشتغل بأنه “يبين” قد ايه حقوق المثليين “رائعة” في إسرائيل ووحشة قد ايه في فلسطين، فبتخبي إسرائيل جرايمها ورا الادعاء دا. الناحية التانية من النقاش بقى واللي بيركز انه يقاوم القصص اللي طالعة من الغسل الوردي بنسميه الفرجة الوردية. الفرجة الوردية متواطئة مع الغسيل الوردي. فلاحظنا انه اللي بيتفرج على الغسيل الوردي بيعيد انتاج خطابات الغسيل الوردي، زي مثلًا زميلنا اللي راح في فوج الميم عين لفلسطين وتستره على حملات الغسيل الوردي في العراق وإيران. جمعنا أربع مواضيع مفتوحة ورفضنا نحدها.
واحد: الغسيل والفرجة الوردي بينتجوا خطاب القومية المثلية (تعريف القومية المثلية هنا بيقولنا ازاي استقلال الدول اللي كانت مستعمَرة أو لسة مستعمَرة بيعتمد على حقوق المثليين فيها). فاحنا مستحيل نفهم الغسيل والفرجة الوردي من غير ما نفهم القومية المثلية. فاحنا محتاجين الأول نعرف الطرق اللي خلت القومية المثلية ليها الدور في المناقشات الشغالة عن الجنسانية وحقوق الأفراد.
وتاني حاجة، هانفحص ازاي التطبيع مع الاحتلال هو أساس الغسيل الوردي في اسرائيل والفرجة الوردية في أمريكا. الغسيل الوردي بيخبي جرايم اسرائيل أما الفرجة الوردية فنادرًا ما بتفضح الاستطيان في الولايات المتحدة والعنصرية على الأشخاص الملونيين والسكان الأصليين. فلسة لغاية عصرنا دا رسالة الخلاص من البيض شغالة وعايزين ينشروها في مستعمراتهم في أستراليا وجنوب إفريقيا وإسرائيل والولايات المتحدة.
تالت حاجة لما بنركز على الغسيل الوردي في إسرائيل بننسى اننا ننقد “الحرب على الإرهاب” والإسلاموفوبيا والخطابات الحقوقية. فالمتفرجين الورديين بيخدموا إسرائيل لأنهم بيعفوا أمريكا من غسلها الوردي في العراق وشيطنتها لإيران وبيعفوا البوليس الأمريكي من جرايهم. فمش بيشكك المتفرجين الورديين في استثنائية الولايات المتحدة. المتفرجون الورديون لسة بيستخدموا حقوق المثليين كمسطرة لليبرالية وتقدمية الدول وبينسوا بقى انه الفصل العنصري قانوني في فلسطين. هم كمان بيختاروا يركزوا على حقوق محددة كل المثليين لازم ينادوا بيها زي الحق في الزواج والانضمام للجيش. هم بيتعاملوا مع حقوق المثليين كحاجة خارج الاستعمار وقوانين الفصل العنصري.
والحاجة الرابعة والأخيرة، اننا قلقانين من انه المتفرجين الورديين بيختاروا يشتبكوا مع أسئلة تعتبر مفرقة (لليبراليين) زي حياة الفلسطيني والحق في المقاومة المسلحة وضم اسرائيل للجولان والقدس وانه إسرائيل أصلًا ماكنتش موجودة قبل كدة. المتفرجون الورديون بيحاولوا يردوا على ادعاءات الغسيل الوردي بدل ما يتكلموا عن الاحتلال اللي هو أصلًا سبب الغسيل الوردي.
- القومية المثلية:
كتير من النقاد التقدميين مبياخدوش بالهم من نقطة مهمة وهي إن إستراتيجية الغسيل الوردي محتاجة خطاب الإسلاموفوبيا والهوموفوبيا. والخطاب ده جزء من مشروع أكبر بيخلق ساحة هدفها تثبيت الهويات والدفاع عنها . فنقاد الغسيل الوردي اللي دايمًا بيفترضوا علاقة دولية كلها ود بين الكويرين/ات بيكرروا معتقد المثلية القومية: لازم المثليين/ات يتضامنوا ويتعاطفوا مع بعض لإنهم مثليون/ات. في الحقيقة، القومية المثلية اللي ساهمت في تعريفنا للحداثة النيوليبرالية بتشكل وتوضح الغسيل الوردي والفرجة الوردية.
الغسيل الوردي بيخلينا نتسائل عن حالة المثليين والمثليات والترانس الفلسطينيين/ات في الضفة الغربية وغزة وإسرائيل. الفرجة الوردية بتنتج نفس الأسئلة وبتزود الطينة بلة عشان بتجاوبهم بإنها بتظهر المجموعات والأفراد من النشطاء العرب والفلسطينيين في الشرق الأوسط انهم دليل على وجود نشطاء في مجتمعات الميم عرب أصليين ومحليين. بالشكل ده، العلاقة ما بين الغسيل الوردي والفرجة الوردية بتستمر في نفس النقاش وبتسبب استقرار الخطاب اللي الفرجة الوردية بتبان إنها بتنقده.
بالإضافة لكل ده، الفرجة الوردية بقت العدسة الأساسية قصيرة النظر اللي من خلالها بيتسمح للأشخاص الكوير إنهم يسألوا عن التسيس حوالين القضية الفلسطينية. دا كله بيخلق دورة بتقوي الطرق القصيرة اللي بتشكل التضامن مع فلسطين/إسرائيل في الولايات المتحدة على حسب حضور مجموعات هوياتية مختلفة، وبيتهدد “حصولهم على حقهم” في النقاش والتناظر (يهودي-أمريكي، عربي-أمريكي، مثلي-أمريكي). إحنا متحمسين إننا نسمي الإطار الضيق اللي من خلاله الأمريكان الكوير مشغولين سياسيًا بالسياسة الخارجية تدريب على القومية المثلية.
بيصر الغسيل الوردي إن “الذات الكويرية الفلسطينية” ورهاب المثلية يظهروا في مصطلحات إسرائيلية/دولية.
بتدافع الفرجة الوردية عن التضامن مع القضية الفلسطينية بس في حالة (وبسبب) ظهور الكويرية الفلسطينية ورهاب المثلية بشروط ومصطلحات الولايات المتحدة، و هي شروط ومصطلحات بتقدر الفرجة تتعرف عليها عن طريق تكوينات الهوية الدولية الكويرية.
في الواقع، مش ممكن قطع الفلسطينيين الكويريين من تعقدات المجتمع الفلسطيني بنفس طريقة عمل السياسات الهوية الدولية للمثليين/ات. بالإضافة لده، بيتداول “رهاب المثلية” كشكل واحد واضح من أشكال العنف اللي بيتعرضله كل الكويريين، بغض النظر عن المواقع الجيوسياسية أو الاختلافات التاريخية أو الثقافية أو الإقتصادية. زي ما بنقلل من كل التعقيدات اللي بتخلي الغيرية الجنسية امتياز، “رهاب المثلية” بيختزل كمان كل الغيريات المثلية لنفس البناء. فعولمة مصطلح رهاب المثلية والافتراضات المصاحبة ليه بتثبت بدل ما تزعزع، الثنائية الجندرية والثنائية الجنسية..
- الاستعمار الاستطياني وحالاته الوجدانية:
الغسيل الوردي بينفع إسرائيل عشان بيغطي على احتلالها لفلسطين، أما الفرجة الوردية فبتركز على خبرات الكويرين الأمريكان وتجاربهم مع العنصرية عشان تكسب عاطفتهم وتضامنهم مع الفلسطنيين الكويريين والفلسطنيين عمومًا. فبيرسموا الاستعمار انه مجموعة مشاكل منفصلة وكل مشكلة ممكن تتحل لوحدها. فإزاي يعني السكان الأصليون مايحسوش بالأمان وعيون الأمريكان وكيانات الأمم المتحدة سهرانة تحرسهم!
الغسيل الوردي بيتجاهل الاستعمار الاستطياني لإسرائيل. وللأسف الفرجة الوردية بتتجاهل الاستعمار الاستطياني للولايات المتحدة ومرمغتها في القومية المثلية. في أحيان كتيرة المتفرجون بينتقدوا العنف الهيكلي للاستعمار الاستطياني في فلسطين بس بيعملوا دا من غير ما يعترفوا انهم أصلًا مستوطنين عايشين في مستعمرات. غالبًا النقد لإسرائيل بيفشل بسبب تجاهل التشابه بين مستوطني إسرائيل والولايات المتحدة.
الولايات المتحدة موقعة شيك على بياض لإسرائيل. من غير نقد لتواطؤ الولايات المتحدة في الاحتلال الإسرائيل بيتعاد إنتاج نسخ قومية مثلية من الكويرية والتواطؤ مع إمبراطورية الولايات المتحدة. دا حتى إسرائيل تواصلت مع الكويريين الأمريكين عشان دايمًا يكونوا متواطئين في الاحتلال، وظهور الدعوة لينا (بالبجاحة دي) بيدل على أنه الترابط شديد بين المستوطنين في الولايات المتحدة وفي فلسطين. وطبعًا التشابه دا بيظهر في انه الولايات المتحدة وإسرائيل أكبر ممولين للقومية المثلية.
- مخاطر الاستثنائية:
الغسيل الوردي بيشارك في الكلام عن حقوق المثليين فيمنح حالة التحضر للأمم والثقافات والأديان اللي بتقبل المثليين. وفي الحقيقة الغسيل الوردي هايفقد معناه برة الكلام دا، وهو لازم يكون جوا نقاشات عن الإسلاموفوبيا والاستشراق والأفكار المسبقة عن الثقافة العربية. لكن الفرجة الوردية محدودة وبتركز على دولة إسرائيل كأنه المستغل الوحيد لقضايا المثليين. الفرجة الوردية بتنسّي الناس انه الولايات المتحدة كمان غسلت جرايمها بالوردي في العراق وبتغسل رغبتها في إيران بنفس الغسول. أصلًا الغسيل الوردي في إسرائيل مبني على نفس الخطابات اللي سمحت ببالونة على شكل الرئيس محمود أحمدي نجاد أن تتناك ببالونة على شكل صاروخ نووي ماسكها حارس زنزانة أبيض كويري في مسيرة فخر في سان فرانسيسكو في 2011. الفرجة الوردية بتتجاهل الطرق اللي الولايات المتحدة بتغسل جرايمها ورديًا.
المتفرجون الورديون في الولايات المتحدة واسرائيل بيبرزوا نجاحات إسرائيل في ملف المثليين، والقومية المثلية بتفصل ما بين حالة المثليين في إسرائيل والاستعمار الاسرائيلي. المتفرجون اللي في المنطقة العربية أكيد مش بيمدحوا في أنه اسرائيل بتخلي جنودها يكشفوا هويتهم المثلية في الجيش. إما المتفرجون اللي في أمريكا بيمدحوا دا عشان يبينوا انهم بيحترموا الحركات المناهضة لسياسة “لا تسأل لا تقل” في الجيش الأمريكي. مثال تاني حق الزواج واللي لما المتفرجون الورديون يركزوا عليه ويحتفلوا بيه بيشاركوا موافقتهم على قوانين إسرائيل اللي بتحد حرية الجواز بين الاسرائيلين والفلسطينين. القوانين اللي بتحد حرية الجواز بين الأعراق المختلفة بيفكرنا بقوانين في “جيم كرو” للفصل العنصري.
- التضامن باستخدام القاسم المشترك الأدنى:
المتفرجون الورديون مش بيناقشوا قضايا معينة زي محادثات السلام وما بعد الحرب عشان يجذبوا أكبر عدد. وكمان في الولايات المتحدة بيتجاهلوا الأسئلة المفرقة زي الحق في المقاومة المسلحة ضد الاستعمار والمستوطنات اللاقانونية وملايين من اللاجئين الفلسطينيين والاحتلال اللاقانوني والضم الإسرائيلي للقدس، وحقيقة إنه حل “دولتين” يغض البصر عن التطبيع مع جرائم الاستعمار الاستيطاني.
عدد كبير من المتفرجين الورديين بينغمسوا في “سياسة المشترك الأدنى” (زي ما بتسميه مكداشي)، فبيركزوا على الغسيل الوردي بدلًا من توضيح انه سبب الغسيل الوردي هو الاستعمار والعنصرية والقومية المثلية. مثلًا بدل ما نفضل مشغولين بسؤال هو في هوموفوبيا في فلسطين ولا لأ المفروض نبقى بنشكك في “التهمة السياسية” أنه دولة عندها هوموفوبيا. وأعضاء فلسطينيين كويريين بي دي اس (حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها) وضحوا انه رهاب المثلية مالوهوش علاقة بأنه الاحتلال الاسرائيلي لازم ينتهي.
النقاط الأربعة اللي ناقشناها توضح أنه الغسيل الوردي والفرجة الوردية وجهان لعملة واحدة: القومية المثلية. الغسيل الوردي بيعمل لصالح إسرائيل والفرجة تعمل باسم فلسطين. هم الاتنين كمان بيشتغلوا مع المثليين الأمريكيين الأوربيين. حابين نفكركم في نهاية المقال انه الغسيل والفرجة الوردية بيحصلوا في أماكن تانية برة إسرائيل/فلسطين. محتاجين ناخد في الاعتبار نقد أعمق للغسيل الوردي والقومية المثلية اللي بيستخدموا في الولايات المتحدة وإسرائيل وازاي بترتبط القومية المثلية بممارسات القوة والامبراطورية في الساحة الدولية.