أطياف

المركز القومي للترجمة، متى أصبح المترجم واصيًا على المعرفة؟

في بيان للمركز القومي للترجمة بمصر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، قال المركز إنه لن يقبل الطلبات المقدمة له بترجمة أعمال تعارض الأديان والقيم الاجتماعية والأخلاق والأعراف، أو تتناول المثليين تناولاً إيجابيًا، فيما أسماه “الترويج” للمثليين.

نتساءل هنا، أليس دور المترجم نقل الرسالة كما صدرت من لغة إلى أخرى؟ وهل الهدف من الترجمة أن يتمكن الإنسان من الاطلاع على العلوم والثقافات المختلفة أم أن يبقى حبيس ثقافته المحلية؟ حيث طالما ساهمت عملية الترجمة في بناء التواصل بين الأديان والقيم المجتمعية والأعراف والمدارس الأخلاقية المختلفة في جميع أنحاء العالم، وبين مختلف الشعوب والثقافات، والآراء ووجهات النظر.

متى كان دور الترجمة تقييم وتحديد ما يعتبر مقبولاً أو لا، أو ما يعتبر أخلاقيًا أو لا؟ فالترجمة ليست شخصا يحدد من منطلق منظوره الشخصي، كما أنها لا تعمل وفق رأي شخص أو مجموعة تتفق على رأي واحد، بل الهدف منها نقل المعرفة من لغة إلى لغة أخرى، وترك التقييم الشخصي للمتلقين والمتفاعلين مع الأعمال المترجمة.

ونتساءل أيضًا عن طبيعة منصب مدير مركز يعنى بالحيادية تجاه المعرفة، حيث أبجديات مهنة المترجم، وتجاه المواطنين جميعًا لكونه منصبًا حكوميًا يعنى بتقديم خدمة معرفية ثقافية لجميع المواطنين، واتخاذ مستوى واحد من الجميع، مستوى النقل للمعرفة كما كتبت بلغتها الأصلية، ومستوى عدم إصدار أحكام أخلاقية أو اتخاذ مواقف عدائية تجاه خيارات المواطنين الدينية، من الإيمان أو عدمه، أو اتخاذ مواقف عدائية أو أخلاقية تجاه طبيعة الهوية الجنسية لمواطنين آخرين، فتتحول الترجمة من عملية تعزز الانفتاح على الآخر إلى عملية تساهم في سحب أهلية القراء، حيث يمارس القائمين عليها وصاية على القراء ويحددون لهم ما يمكنهم وما لا يمكنهم قراءته.

فمتى أصبح المترجم واصيًا على المعرفة والقراء والمواطنين إن كان يعمل عملاً حكوميًا؟

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.