أطياف

الإخوة: هوليوود تسخر من مغايرتها

هل تتذكرون كم فيلمًا مثليًا رومانسيًا كوميديًا شاهدتموه في حياتكم؟ قد تكون الإجابة؛ أفلام قليلة جدًا، وقد تكون الإجابة بلا. في حين إذا كان السؤال حول الأفلام الدرامية صاحبة النهايات الحزينة من عجز أو فراق أو موت. تكون الإجابة؛ أفلام عديدة.

من هنا ينطلق فيلم الإخوة/Bros، خاصةً وأن السينما الكويرية طوال التاريخ وفي كل العالم، انحصرت في القصص الدرامية والمأسوية لأفراد مجتمعات الميم، وتجاهلت بشكل كبير القصص السعيدة والمسلية والمبتذلة. أما في هوليوود والذي يرتبط الفيلم بها أيضًا، فلم تعمل الأستوديوهات الكبرى، ذات الدوافع التجارية والربحية، على تقديم أفلام تركز بشكل أساسي على شخصيات من مجتمعات الميم.

بل إن محاولاتها في تمثيل أفراد مجتمعات الميم، كانت ضئيلة أو منعدمة تمامًا، لسنوات عدة، أما في السنين القليلة الماضية، تحسنت ببطيء. وبحسب تقرير لمنظمة GLAAD، التي تنشط في زيادة تمثيل مجتمعات الميم في الإعلام، فإن أستوديوهات؛ بارامونت، وديزني، وسوني، ووارنر بروز، ويونيفرسال، مثلت أفراد مجتمعات الميم بشكل ملحوظ في عام 2020 وحتى 2021.

من تلك المشكلات، قدم فيلم Bros نفسه، على أنه أول فيلم مثلي كوميدي رومانسي يُنتج من أستوديو ضخم في هوليوود، وهو يونيفرسال بيكشرز. استخدم شعار «الأول» في الترويج لعدة أفلام سابقة، مثل فيلم Love Simon، الذي روج له على أنه أول فيلم تكون شخصيته الرئيسية مثلية، ومن إنتاج أستوديو ضخم في هوليوود، وهو توينتيث سينشوري ستوديوز.

ويعتبر صناع تلك الأفلام والنشطاء وآخرون، أن مشاركة أستوديوهات هوليوود الضخمة في إنتاج أفلام شخصياتها وقصصها الرئيسية من مجتمعات الميم، فرصة لاكتساب مساحة رائجة لمحتوى خاص بمجتمعات الميم، بما أن رأس المال المرتفع لتلك الأستوديوهات يدفع بأعلمها للرواج بسهولة.

ومن هنا، ألف الكوميديان والممثل بيلي ايشنر، فيلم Bros، والذي يشارك في بطولته أيضًا، مع الممثل لوك ماكفارلين، والذي شارك في فيلم Single All the Way العام الماضي، كما شارك في أفلام رومانسية غيرية عديدة. والفيلم من إخراج نيكولاس ستولر، والذي أخرج أفلام كوميدية عديدة أبرزها Neighbors بجزئيه، وForgetting Sarah Marshall، وغيرهما، كما شارك في تأليف Bros. ومن إنتاج الكوميديان جود أباتو، والذي أنتج أفلام كوميدية عدة، أبرزها، Bridesmaids وThe 40-Year-Old Virgin.

بوبي… الساخر بعصبية والواعي بذاته

بوبي، رجل أربعيني مثلي، عصبي، أعزب ولم يسبق له الوقوع في الحب، لا يرَ أي حاجة للحب أو تكوين علاقات عاطفية، حيث يخشى الالتزام والعلاقات الأحادية المغلقة، ويفضل العلاقات الجنسية العابرة التي توفرها تطبيقات المواعدة، من «جرايندر» و«تندر» وغيرهما، ويلبي احتياجاته العاطفية نوعًا ما من صدقاته، كما أنه يقدم برنامج بودكاست حول تاريخ مجتمعات الميم، وإنجازاته، وأي موضوع يود أن يتحدث عنه. مما يضمن له منصب المدير التنفيذي لأول متحف وطني لمجتمعات الميم في «الولايات المتحدة الأمريكية». يلتقي بوبي في حلفة للرجال المثليين برجل جذاب يُدعى آرون، يعمل محاميًا، لا يفضل الالتزام والعلاقات العاطفية أيضًا، ويهوى العلاقات الجنسية الجماعية، فالبنسبة له، كلما زاد عدد المشاركين، كلما زادت المتعة، وليس مولعًا بحب المغنيات، لكن سويًا يتعاملان مع مواقفهما المشتركة، ويُظهران ضعفهما ومشاعرهما مع مرور الوقت، مما ينذر بتحولات غير محسوبة.

دائمًا ما يسخر بوبي من كل شيء، ثقافة البوب، تمثيل الرجال المغايرين للمثليين في أفلام كثيرة وحيازة الجوائز عليها، خاصة أفلام الكاوبوي المثلية، تصرفات الرجال المثليين، الحب والعلاقات الأحادية المغلقة، والعلاقات الثلاثية، وتطبيقات المواعدة، والصور النمطية التي تصورها وترسخها هوليوود عن المثليين، وثقافة أستوديوهات هوليوود التي تستغل أي فرصة لربح الأموال من خلال إظهار تنوعها وتمثيلها للمثليين، وذلك بإظهار المثليين محبين ولطفاء، كأنهم مجموعة متجانسة، مما يجردهم من الطباع الإنسانية، وصناعة أفلام عن المثليين قد يشاهدها رجل مغاير مع زوجته أو حبيبته في سهرتهمن. يصاحب سخرية بوبي العصبية والانفعال من حين لآخر، ويسهل ملاحظة ذلك عند الاستماع له لثوان. أعتقد أن بوبي لا يختلف كثيرًا عن ممثله ومؤلفه بيلي ايشنر، الكوميديان والذي دائمًا ما يسخر من الواقع الذي يواجهه الرجال المثليين، كونه واحدًا من المثليين القليلين في هوليوود. فيسخر بوبي وبيلي من هوليوود من خلال أدواتها، وهنا المفارقة.

نعرف من الدقائق الأولى في الفيلم، كيف أن بوبي واعٍ بذاته، حيث يدرك تمامًا أنه رجل أبيض مثلي ومتسق الجندر، مما يعطيه امتيازات أكثر من مجموعات أخرى من مجتمعات الميم. يكتفي بوبي بتعريفنا طوال الفيلم أنه مدرك لتلك الامتيازات جيدًا، ويظهر ذلك في تسمية برنامج البودكاست خاصته، «الطوبة الحادية عشر» في ستوونوال، مضيفًا، أنه إذا ألقت امرأة سمراء ترانس أو امرأة رجولية مثلية الطوب الأول في الانتفاضة، فمؤكد أن رجل أبيض مثلي متسق الجندر ألقى الطوبة الحادية عشر، وأيضًا يسخر من تلك الامتيازات وتعامل المجتمع معها، من خلال تخصيص جائزة لأفضل رجل أبيض مثلي متسق الجندر في العام، ومن ثم يتسلمها نفسه.

يستعرض الفيلم شخصيات عدة، ضمن كونه واعيًا بذاته، وحاول أن يضمن خلطة التنوع من خلال شخصيات عابرة مثل؛ امرأة سمراء ترانس، امرأة مثلية، رجل مزدوج التوجه الجنسي، ولا ثنائي/ات الجندر. لا نرَ تلك الشخصيات وخلفياتها إلا من خلال تقاطعها مع بوبي، كذلك الأمر بالنسبة لأصدقاء بوبي، وآرون، الذي نراه أكثر من كل الشخصيات الأخرى، لكن فيلمنا حول بوبي في الأساس، لذا، نعرف كل الشخصيات الأخرى من خلاله أو معه. فاكتفى الفيلم بإدراك أهمية التنوع من خلال إظهار شخصيات مختلفة، لكن دون عرض قصص أو خلفيات لتك الشخصيات.

إضافة جيدة لأفلام الكوميدية والرومانسية

مَثل العام الجاري إضافة أعمال جيدة، لمكتبة الأفلام الكوميدية الرومانسية المثلية المحدودة جدًا، خاصة وأنها أفلام حديثة تحاكي وتتعامل مع أمور نعايش بعضها في وقتنا الحالي، مما يجعلها ذات صلة بالمشاهدين، ومن أهمها، فيلمي Bros وFire Island، مع الاختلافات العديدة بين الأفلام، إلا أنهما لما يتركانا بمشاعر الحزن والتساؤل حاول واقعنا الكوني الأليم كأفراد مجتمع المثليين ومجتمعات الميم.

من المهم أيضًا أن نرى أفلامًا مثلية رومانسية كوميدية عن رجال في الأربعين من عمرهم، خاصة في ظل الموجة التي انطلقت في السنين الأخيرة من إنتاج أفلام ومسلسلات رومانسية وكوميدية عن المراهقين وفترة البلوغ للمثليين ومجتمعات الميم، وحصر أفلام ومسلسلات الرجال المثليين ومن مجتمعات الميم في فترات الثلاثينيات والأربعينيات من عمرهم في القصص الدرامية فقط.

فيلم Bros من الأفلام الكوميدية الرومانسية الخفيفة تمامًا، ومناسب جدًا لنهاية يوم/أسبوع طويل وشاق، أو لقضاء وقت ممتع بمفردنا أو مع الأصدقاء. صناعة الفيلم تمت بشكل جيد تمامًا، والحبكة لم تترك مجالاً للممل ربما فقط افتتاحية الفيلم قد يراها البعض مملة، لكن في المجمل الفيلم مسلي جدًا.

تُرجم الفيلم إلى العربية بواسطة معمل إبدال للغة والترجمة الكويرية. من ترجمة عبد الله حسين. يمكن الوصول إلى الترجمة العربية من هنا.

كتابة: باستيت

شروط الاستخدام

محتوى أطياف مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط تشعبي، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.