ظهر الممثل المصري الأصل رامي مالك على غلاف عدد شهر أكتوبر من مجلة Attitude البريطانية المتخصصة في قضايا مجتمع الميم (LGBTQ+)، وذلك في إطار حملة ترويجية لفيلم Bohemian Rhapsody الذي يُجسّد فيه شخصية المغني الشهير فريدي ميركوري، قائد فرقة الروك الأسطورية Queen.
هذا الظهور أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط الفنية والثقافية، ليس فقط بسبب براعة مالك في تقمص الدور، بل أيضًا لما يمثله من تحوّل نوعي في تمثيل الشخصيات الكويرية في السينما السائدة.
فريدي ميركوري: أيقونة كويرية خالدة في ذاكرة الموسيقى
تدور أحداث الفيلم حول المسيرة الفنية والشخصية لفريدي ميركوري، الذي عُرف بكونه أحد أبرز رموز مجتمع الميم في القرن العشرين. وتناول الفيلم رحلته من بدايات متواضعة إلى أن أصبح أحد أكثر الأصوات تأثيرًا في عالم الموسيقى، وصولًا إلى معركته مع فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) ووفاته في عام 1991.
في مقابلته مع Attitude، أكد رامي مالك أن الفيلم لم يتجاهل أبدًا ميول ميركوري الجنسية أو صراعه مع المرض. قال:
“لا يمكن لأي شخص أن يتحدث عن فريدي ويتجاهل من كان، أو معركته مع الإيدز. الفيلم لم يتفادَ هذه المواضيع، بل تعامل معها برقة وصدق.”
ردّ على الانتقادات: لا تهميش ولا تبييض جنسي
واجه الفيلم انتقادات قبل صدوره، خاصة بعد عرض الإعلان الترويجي الأول، حيث اتُهم بـ”تبييض” (Straight-washing) الحياة الجنسية لفريدي. لكن مالك ردَّ بقوة على هذه الادعاءات:
“من الظلم الحكم على فيلم من مقطع ترويجي مدته دقيقة واحدة. نحن لا نتجنب الحديث عن ميوله أو عن المرض. بل نروي قصته بصدق وتقدير.”
وأكد الممثل المصري أن الفيلم لا يختزل ميركوري في هويته الجنسية فقط، بل يُظهره كإنسان معقد، موهوب، وعاشق للحياة.

تجسيد الشخصية: تحدٍّ شخصي ومهني
كشف مالك أن التحضير للدور كان مكثفًا واستمر لعامين قبل التصوير الفعلي. استعان بمدرب حركات، وخضع لتدريبات صوتية مكثفة، بل وحتى صمم قالبًا لأسنان فريدي الشهير، ليتقمص الشخصية جسديًا وروحيًا.
“كنت أدرك أنني لن أكون فريدي، لكني أردت أن أقترب قدر الإمكان من روحه. لقد غيّر هذا الدور حياتي.”
الرسالة الأعمق: من ميركوري إلى العالم
يعتقد رامي أن فريدي ميركوري لم يكن مجرد مغني، بل كان صوتًا للذين شعروا يومًا أنهم مختلفون أو غير مرئيين. وعلّق:
“ما يجعل فريدي مميزًا هو أنه جعل كل شخص يشعر أنه مقبول. حتى من لم يشعروا بالانتماء، وجدوا فيه ما يشبههم.”
كما أشاد مالك بمؤسسة Mercury Phoenix Trust التي أسسها أعضاء فرقة Queen بعد وفاة ميركوري، والتي تُعنى بمحاربة الإيدز عالميًا. وأكد أنه يشعر بالفخر لكونه جزءًا من هذا الإرث.
تمثيل الكويريين في السينما: نقاش لا يزال مفتوحًا
بينما نال مالك إشادة واسعة من الجمهور، وُجهت بعض الانتقادات بسبب اختيار ممثل غير مثلي لتجسيد شخصية كويرية. وهو نقاش يتكرر في هوليوود مرارًا.
إلا أن مالك علّق على ذلك قائلًا:
“أنا أؤمن أن الإنسان لا يُعرّف فقط بهويته الجنسية. فريدي نفسه لم يضع تسميات على ميوله، وكان يرى نفسه كإنسان حر. وهذا ما سعيت لإبرازه.”
فيلم Bohemian Rhapsody كجسر بين الفن والهوية
من المقرر أن يُعرض الفيلم في دور السينما البريطانية في 28 أكتوبر 2018، وسط توقعات عالية بنجاحه النقدي والجماهيري. ويمثل هذا العمل لحظة فاصلة في مسيرة رامي مالك، كما يُعد تكريمًا لواحد من أكثر الفنانين تأثيرًا في التاريخ الحديث.
ومع تزايد الوعي المجتمعي بقضايا الهوية والتنوع، فإن مثل هذه الأفلام لا تقدم فقط ترفيهًا، بل تُساهم في كسر الصور النمطية وتعزيز التفاهم الإنساني.