تعتبر الانتخابات الأمريكية الحدث الأكثر أهمية بالعالم لما يناله الجالس في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض من نفوذ وتأثير على العالم، ولكي ننظر إلى الانتخابات من منظور كويري، فعلينا أن نستمع للمجتمع الكويري في الولايات أولاً، لفهم حال المجتمعات الكويرية بالولايات.
بالرجوع إلى بيانات human rights campaign فإن القضايا الكويرية الأكثر إلحاحًا حاليًا، هي؛ العنف ضد الكويريين، خاصةً الترانس، وقوانين العمل.
ولنبدأ بالتفصيل، جرائم العنف المرتكبة ضد أفراد المجتمع الكويري، في عام 2016، رصدت منظمة العفو الدولية تعرض ١٩ فرد من مجتمع الترانس للقتل في الولايات المتحدة، وصرحت كذلك أن غالبية الحوادث في عامي 2015/2016 ارتكبت في حق أفراد ترانس ذوي بشرة بنية وسمراء، ولكن ارتفع معدل الجريمة في عام 2018 إلى 26 جريمة قتل حسب HRC، وكانت الغالبية تجاه نساء ترانس من أصول أفريقية، وارتكبت تلك الجرائم من قبل أقارب وشركاء وغرباء على حد سواء، مما يشير إلى مدى خطورة الأمر بالنسبة للترانس، وأغلب تلك الجرائم ذات دوافع معادية لمجتمع الترانس، ولا تتم بدافع السرقة مثلاً أو بأي دافع آخر. كما خففت العقوبات في بعض القضايا عند اعتراف الجاني أنه مذنب ولكنه فعل ذلك تحت تأثير الذعر من المثليين أو الترانس.
كذلك يتعرض أفراد مجتمع الترانس لأشكال أخرى من العنف، مثل الفصل التعسفي من العمل، الإفقار، الطرد القسري من السكن، وكذلك التعرض للضغوط للعمل بالجنس التجاري، وقد أرجع تقرير HRC ذلك لسهولة الوصول واقتناء الأسلحة بشكل غير مراقب ومنظم في الولايات، كذلك القوانين التي لا تمنح أي حقوق لمستأجري السكن، كذلك التمييز الممنهج الذي يمارسه بعض رجال الشرطة تجاه النساء الترانس.
أما قوانين العمل فحسب تقرير HRC، هناك 17 ولاية أمريكية لا تتضمن أي قوانين لحماية أفراد المجتمعات الكويرية من التمييز، وبحسب إحصائية CNN في عام 2018، قالت إن 67% من الأمريكيين يعتقدون أنه على المستوى الفيدرالي يحمي القانون الأفراد الكويريين من الفصل التعسفي من العمل. ذلك بالإضافة لغياب أي معلومات عن مدى تعادل أُجور الترانس مع الأجور التي يتقاضاها الآخرون مقابل نفس القدر من العمل.
كانت تلك أبرز المشكلات التي تواجه المجتمعات الكويرية بالولايات فإلى أي مدى يرى كلا المرشحين، من الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري هذا الواقع.
الرئيس الحالي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب
في حملته عام 2016 ادعى ترامب أنه يدعم بشدة كافة الإجراءات التي اتخذتها إدارة أوباما فيما يتعلق بحقوق المجتمع الكويري، معبرًا أنه لا يوجد المزيد لتقديمه للمجتمع الكويري داخل الولايات، كما ادعى أنه لديه ما سماه “خطة تاريخية لإلغاء تجريم العلاقات المثلية على مستوى عالمي”، إلا أنه لم يذكر أي تفاصيل حولها منذ وصل إلى المكتب البيضاوي، والحقيقة أن الرئيس ترامب قد قام في خلال 1308 يوم بـ 168 اجراء وتصريح ضد أفراد المجتمع الكويري، وذلك وفق ما رصدته وصرحت به مؤسسة GLAAD المعنية بحقوق المجتمع الكويري، منها على سبيل المثال منع الأفراد الترانس من الخدمة العسكرية، كذلك دعم وبرر التمييز ضد أفراد المجتمع الكويري في العمل والحصول على الرعاية الصحية.
وفي حملته للانتخابات العامة 2020 لم يتطرق بشكل سياسي لقضايا المجتمع الكويري.
نائب الرئيس السابق في إدارة باراك أوباما ومرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن
نائب الرئيس الأمريكي السابق في إدارة أوباما، السيناتور جو بايدن الذي قضى أكثر من ٤٠ عامًا في العمل العام بين الكابيتول والبيت الأبيض، خلال تلك السنين كان جو بايدن داعمًا وبشدة للمزيد من التشريعات والإجراءات لصالح المجتمع الكويري، حيث صوت لصالح أكثر من مشروع لتمكين المتعايشين والمتعايشات مع فيروس نقص المناعة المكتسب من الوصول للرعاية الصحية، كذلك صوت لصالح مشروع قانون يسمح للترانس في القوات المسلحة الأمريكية من إجراء الجراحات من صندوق تأمينهم الصحي، كما وفي فترة خدمته بالبيت الأبيض كنائب للرئيس أوباما، دعم والقى خطاب حول إعلان المحكمة العليا إقرار قانون المساواة في الزواج، الذي سمح بالزواج من نفس الجنس، كذلك في حملته للانتخابات العامة 2020، ذكر جو بايدن العديد من المشكلات التي يواجهها أفراد المجتمع الكويري، وخطط لحلها، حيث في حديثه حول إعادة تنظيم الشرطة، شدد على أن يتضمن إعادة الإصلاح وسائل لمنع حالات التقاعس السلبي من رجال الشرطة تجاه حوادث العنف ضد أفراد المجتمع الكويري، كذلك تشمل خطته توسيع الوصول للرعاية الصحية للأزواج المثليين والمثليات والترانس، كما وفي قضايا الهجرة أكد أن الشركاء والأزواج المثليين والمثليات سيتمكنون من لم الشمل، كذلك سيرفع الحظر أمام تأدية الترانس للخدمة العسكرية، كما أكد أنه سيعمل مع الكونجرس على تحديث قوانين العمل، لكي تحمي أفراد المجتمع الكويري من التعرض للتمييز في أماكن العمل والفصل التعسفي.
كأفراد المجتمع الكويري، تتوالى المخاوف بالنسبة لمدى صدق كلا المرشحين في وعودهم، فيما يتعلق بقضايا المجتمع الكويري، ففي تقرير نشرته Bustl، أظهر أن 21 مدينة من ضمن أكثر 25 مدينة أمريكية خطرًا على أفراد المجتمع الكويري، هي مدن تميل للتصويت للديمقراطيين، وتُحكم وتُمثل من مرشحين ديمقراطيين، وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام، كذلك الكثير من الولايات الزرقاء -الولايات ذات الميل الديمقراطي- هي ولايات لا تمتلك قوانين لحماية أفراد المجتمع الكويري في أماكن العمل. ولكن حسبما قال عمدة ساوث بند الديمقراطي وأول مرشح مثلي للإنتخابات الأولية للرئاسة الأمريكية، بيت بوتجيج في المؤتمر الوطني الديمقراطي، “إن الحب يجعل زواجي حقيقي، ولكن الشجاعة السياسية هي ما جعلته ممكنًا، وذلك يتضمن جو بايدن، الذي اصطدم بالكثيرين حتى داخل هذا الحزب -الديمقراطي- عندما قال، إن المساواة في الزواج ستكون قانون فيدراليًا.” داعيًا بذلك أفراد المجتمع الكويري إلى الثقة في وعود جو بايدن والتصويت لصالحه.
كتابة: مراد العربي