أطياف

إعلام قطر: تبييض الانتهاكات وبث كراهية المثليين

مع اقتراب فعاليات كأس العالم في دولة قطر، عبر العديد من لاعبي كرة القدم والمنتخبات والمنظمات الحقوقية والنشطاء والسياسيين والشخصيات العامة عن قلقهم وتخوفهم على الجماهير التي ستحضر فعاليات كأس العالم، خاصة وأن سجل الدولة الخليجية الحقوقي حافل بالانتهاكات. ومع تجريم قطر للمثليين ومزدوجي التوجه الجنسي والترانس. حيث تصل العقوبة القانونية إلى الإعدام.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد وثقت عدة ملاحقات أمنية من الأمن الوقائي في قطر للمثليين والترانس. شملت الملاحقات مضايقات واعتقال وتحرش جنسي. كما طالبت عشرات الاتحادات الكروية بوقف انتهاك حقوق مجتمعات الميم في قطر وضمان حقوق العمال وإجراء إصلاحات جادة تعزز حقوق الإنسان.

وكرد فعل، وحّدت وسائل الإعلام القطرية الجهود للتعامل مع تلك الانتقادات والمطالب والحقائق. وغيرّت وسائل الإعلام القطرية الإقليمية وعلى رأسها شبكة الجزيرة والجزيرة بلس عربي AJ+ وشبكة التلفزيون العربي والعربي الجديد وبي إن سبورت العربية وغيرهما من الوسائل الإعلامية القطرية المحلية من مواقفهما السابقةـ والتي ادعت فيها عملها على حماية الحقوق والحريات في الدول الناطقة بالعربية والعالم، وضمان حرية الصحافة دون توجيهات أو تدخلات حكومية، وعرض “الرأي والرأي الآخر”.

وتجاهلت وسائل الإعلام القطرية الإقليمية والمحلية الخاضعة لسيطرة الدولة الانتقادات والمطالب الحقوقية الجادة. كما ردت بتقارير إعلامية مرئية ومقالات صحفية، وصفت الانتقادات الحقوقية بـ”المؤامرة الشرسة” التي تستهدف قطر كونها “أول دولة عربية وإسلامية تستضيف فعاليات كأس العالم”.

وبجانب “المؤامرة”، وصفت الانتقادات بـ”الحملة الممنهجة”، و”التحريض”، و”العنصرية”، و”الإسلاموفوبيا”، و”ازدواجية المعايير”، وغيرها من التوصفيات المختلفة التي تبانها المسؤولين والفاعلين القطريين، ومن خلفهم الإعلام القطري.

وتستضيف قناة الجزيرة يوميًا منذ أيام جماهير من دول مختلفة، للتأكيد على متابعة المونديال، والتعليق على مطالبات وانتقادات نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان الجادة، ويكون التعليق بالرفض ودعم قطر.

ووصف بعضهم تلك الحملة بـ”غير المسبوقة”. كما قالوا رددوا معلومات خاطئة، كقولهم أن روسيا لم تواجه انتقادات حقوقية مماثلة عندما استضافت فعاليات كأس العالم في 2018، وهي رواية يرددها مسؤولين وإعلاميين وأشخاص فعالين قطريين وموالين لقطر، وهو ما نفته رشا يونس، الباحثة الحقوقية في منظمة “هيومن رايتس ووتش” في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، في مقابلة تلفزيونية مع قناة الحرة، حيث قالت أن منظمتها تسلط الضوء على كل دول العالم فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان، كونها منظمة دولية، لديها أفرع متنوعة في عدة دول، ولا تتبع دولة بعينها.

كما كثفت قناة الجزيرة عبر موقعها نشر مقالات رأي متنوعة تبث الكراهية والعنف ضد المثليين والترانس، وتروج لمعلومات مغلوطة حول التوجهات الجنسية والهويات الجندرية. كما ترسخ لأن حقوق مجتمعات الميم تنبع من “مؤامرة” و”كيانات ضغط دولية”. كما عملت الجزيرة بلس عربي (AJ+ عربي) على نشر اقتباسات وأخبار ترسخ لنفس الخطاب عبر مناصتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بمباشرة أقل.

وعلى عكس قناة الجزيرة التي تستهدف الجمهور المحافظ في المنطقة، اتجه التلفزيون العربي، ذو التوجهات “الليبرالية” نوعًا ما، إلى تبني نفس الخطابات التي تبنتها الجزيرة، ولكن مع احترافية أكثر قليلاً، أو بطريقة تبدو نوعًا ما “احترافية.

أما موقع العربي الجديد (القطري)، والذي يستهدف الليبراليين والأكاديميين في المنطقة، فقد اتجه أيضًا إلى تبيض صورة الدولة الخليجية المنتهكة لحقوق الإنسان، بتبني مفرادات وخطابات ذات صدى واسع بين الليبراليين والأكاديميين مثل وصف الانتقادات المرتبطة بحقوق الإنسان بـ”الاستشراقية” و”الاستعمارية”.

ولم تنقل جميع وسائل الإعلام القطرية الأخبار التي تنتقد الانتهاكات الحقوقية في بلادهم أو تطالب بإجراء إصلاحات حقوقية جادة بحيادية -حسبما تزعم دائمًا-، بل صاغت عناوين الأخبار وتضمن المحتوى الإخباري توجه شديد في مهاجة المنتقدين والمطالبين وركزت في الدفاع عن الدولة الخليجية.

بذلك كسرت وسائل الإعلام القطرية النهج الذي تدعيه من الحيادية وحرية الصحافة وتسليط الضوء على الانتهاكات ودفع الحقوق والحريات، خاصة الليبرالية منها أو الموجهة لليبراليين. ولعبت دورًا فاعلاً في تبييض صورة الحكومة القطرية التي تتبنى قوانين وممارسات تنتهك حقوق المواطنين القطريين والوافدين من مجتمعات الميم والعمال وغيرهما. بدلاً من تشجيع قطر على تبني الإصلاحات الجادة التي تحمي كافة المواطنين ولا تميز بينهما وتعزز حقوق الإنسان.