أطياف

أولاد شرقيون: حب وجنس مقابل خمسين يورو

فيلم “أولاد شرقيون” هو الفيلم الثاني للمخرج روبن كامبيلو، وهو مخرج فرنسي من أصل مغربي وقد حاز على العديد من الجوائز عن فيلمه الأخير “مائة وعشرين نبضة في الدقيقة”. أهمها جائزة السعفة الكويرية وجائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان. وترشح الفيلم أيضًا لجائزة السعفة الذهبية.

المخرج الفرنسي الكويري روبن كامبيلو

في فيلمه الثاني “أولاد شرقيون” يبدو وأن كامبيلو استخدم أسلوبًا مشابهًا في التعبير عن رؤيته. حيث استخدم أسلوب عرض قصتين في نفس الوقت. فيبدأ الفيلم بمشهد فوضوي قليلًا لبعض الفتية المهاجرين يتجولون في شوارع باريس. ونتنقل معهم لبعض الوقت حتى نرى أحد رجال الأمن يتتبع فتى صغير ويشتبه بأنه يحاول سرقة أحد الماره. ثم نرى الفتى وعائلته عن قرب يتناولون الطعام. ثم نتعرف بعدها على “دانيال” شخصيتنا الرئيسية، الذي يقوم يتتبع أحد الفتية المهاجرين داخل محطة قطار فرنسية. ثم يصل إليه أخيرًا بعد عناء طويل منه على ما يبدو. يتعرف “دانيال” على “مارك” ويقول له أنه لا يتحدث الفرنسية ويعرض عليه خدماته الجنسية مقابل خمسين يورو.

مارك/أولاد شرقيون

نذهب إلى “دانيال” الذي يسكن في منزل كبير ومنطقة راقية في باريس. يدق جرس منزله ويفتح الباب ليفاجأ بالفتى الصغير الذي اشتبه به أحد رجال الأمن في وقت سابق. يقتحم الفتى المنزل ويهدد “دانيال” بالقول أنه يستغل فتى قاصر في منزله. ليقتحم المنزل المزيد من الغرباء. فيتحول الفيلم إلى عملية سطو منزلي غير متوقعة. فنرى الكثير من الفتية يقودهم شاب روسي غريب الأطوار ويحب الرياضة. يهاجم “دانيال” ويصفه بالضعيف والعجوز ويسرق المعدات الرياضية وبعض الأجهزة المنزلية والكثير من الأشياء القيمة من المنزل. يستيقظ “دانيال” في اليوم التالي وكأن شيئًا لم يحدث ويجد صور تجمعه مع صديقة الحميم قديمًا ثم يذهب للعمل.

يعود “دانيال” من العمل ليصلح بعض الفوضى التي حدثت. لكنه لم يستطيع إصلاح الكثير أو محو المشهد من ذاكرته. فجأة يرن جرس منزله ليعرف أن “مارك” يريد التعرف عليه وممارسة الجنس. يتحول الفيلم ببطء من نوعية الرعب النفسي والإثارة إلى فيلم درامي عن علاقة جنسية تجمع رجلين مقابل المال. بعد ممارستهم للجنس بشكل بارد يغادر “مارك” سريعًا دون قول شيء.

يبدو وأن كامبيلو يرى الجنس التجاري بشكل مختلف، فنرى علاقة جنسية مقابل المال باردة للغاية وخالية من المشاعر.

مارك/أولاد شرقيون

يعود “مارك” ثانية إلى منزل “دانيال” ليمارسا الجنس لنعرف بعدها أن “مارك” أتى من أوكرانيا بشكل غير شرعي وأن أبواه قتلا في الشيشان خلال الحرب مع روسيا. وأنه يأتي إلى منزل “دانيال” دون معرفة زعيم العصابة التي انضم لها “مارك”.

يُعاني “مارك” من اضطراب ما بعد الصدمة على ما يبدو، فتُذكره أصوات النيران الاحتفالية بالخارج بأصوات نيران الحرب. كما لا يريد الجنس فقط مع “دانيال”، بل يريد المزيد. نرى “مارك” يعبر عن افتقاد علاقته مع “دانيال” بالمشاعر وأن ذلك ليس ما أراده، وأنه يريد المشاعر وأن يهتم به “دانيال”.

يتمحور فيلم أولاد شرقيون حول الوحدة التي يشعر بها الأغنياء والفقراء في نفس الوقت، فيقسم  كامبيلو الطبقتين إلى أخيار وأشرار، ويرى أن علينا الهتاف للخير لا الشر.

فيما بعد، يقنعه “دانيال” بأنه يستطيع أن يساعده وأنه عليه فقط احضار الأوراق الشخصية التي يخفيها عنه زعيم العصابة داخل فندق بعيد تقيم فيه العصابة تحت إدارة الشئون الاجتماعية. فيقع “مارك” في خطأ محاولته تحدّي زعيم العصابة ويتم احتجازه في الفندق.

يتحول الفيلم مرة أخرى إلى الإثارة والتشويق، فنرى الزعيم يسيطر على كل شيء داخل الفندق، ويمنع أي محاولة لتفكك العصابة، لكن ينقلب كل شيء رأسًا على عقب بسبب محاولته منع ذلك التفكك.

يتعامل كامبيلو مع الجنس التجاري بشكل مختلف، فنرى وقوع البطلين في الحب بمثابة انقلاب على علاقة سابقة كان غرضها المال.

دانيال ومارك/أولاد شرقيون

يهتم الفيلم بعلاقة مثلية مميزة بين رجل فرنسي ومهاجر أوكراني. ويركز الفيلم أيضًا على قضية المهاجرين في فرنسا. وأن العديد من الناس لا يحصلون على نفس الفرص في الحياة وذلك لا علاقة له بشعورهم بالوحدة. مهما كانوا أغنياء فقد يشعرون بالوحدة ويحتاجون لأحدهم لمشاركته تلك الفرص.

أداء الممثلين في الفيلم مميز للغاية خاصة أداء “دانيال” ونظرات الخوف تشوب عينينه وفي نفس الوقت نظرته لـ”مارك” التي يملؤها الحنان والرفق. وفوق ذلك أداء زعيم العصابة “دانيال فوروبيوف” الخاطف للأنظار وشهوته للسيطرة ونشر الرعب.

دانيال فوروبيوف/أولاد شرقيون

فاز فيلم أولاد شرقيون بجائزة الأسد الكويري بمهرجان ڤينيسيا وحاز على العديد من الترشيحات لجائزة سيزار بفرنسا أهمها جائزة أفضل فيلم.

الفيلم مترجمة للعربية بواسطة نزار عز الدين، ويمكن الوصول إلى الترجمة العربية من هنا.

كتابة: محمود أحمد